الثلاثاء، 22 مارس 2011

اكتشف قدراتك ومواهبك

لكل منا صورة ذاتية لنفسه يحملها بين جنبيه ، ويعتقد كثير منا أن ما يحمله عن نفسه من قناعات واقعي وصادق ، ويصادف كبد الحقيقة ، فهو أدرى بنفسه كما يظن ، وأولى بمعرفة قدراتها ومواهبها وطاقاتها وإمكاناتها ..
وفي الحقيقة كثيرا ما نحمل عن أنفسنا صورة غير صحيحة ، بل إن نسبة الخطأ فيها قد تتجاوز الثمانين أو التسعين بالمئة ...
حيث أن كثيرا من تلك الصور رسمت بفرشاة الشيطان والنفس الأمارة الكسولة المتخاذلة ، لذلك رسمها هؤلاء كما يحلو لهم ، لا بناء على ما تقتضيه مصلحتنا ، وما يصلح حالنا ، كما أن العديد من ملامح الصورة صاغتها مواقف فشل أو خذلان حدثت في الماضي ، أو رأيناها في آخرين ، فقسنا أنفسنا على أولئك ، وظننا أنفسنا غير قادرين على كذا بناء على أن فلان لم يقدر ، أو أن زيدا أو عمرا فشل فيه ..
وليت الأمر يقف عند هذا الحد ، غير أن تراكم الاعتقادات الخاطئة حول مواهبنا وطاقاتنا ، واعتقاداتنا المتتالية عن فشلنا عن كذا أو كذا ، يجعل النفس تعتقد أنها فاشلة فشلا ذريعا في كل جوانب حياتها ، وأنها والنجاح في عداء ، ولا يمكنهما أن يلتقيا أو يتصالحا أبدا ، فتتشوه الصورة عندها أيما تشوه ، فيركن المرء عندها إلى الاستسلام للفشل ، ويعتقد أنه أصبح في عداد الفاشلين ..
وواقع الأمر أن بداخل كل منا مواهب وطاقات وقدرات رهيبة ، لم تر النور بعد ، ولم تظهر للعيان ، أضفت عليها هذه الاعتقادات الخاطئة ستارا وحاجزا ، فأعمتنا عنها ، وصار المعتقد الخاطئ هو الظاهر للعيان ، وهو الذي يسير حياتنا ، ويكيف أمورنا ، وتزداد القناعة يوما بعد يوم ، وسنة بعد سنة ، والمواهب والطاقات تختفي رويدا رويدا مع مرور الأيام ..
هذه الطاقات والمواهب رغم أنها موجودة ومتقدة بالداخل غير أن إخراجها إلى العالم الخارجي يحتاج إلى نفس تواقة ، لديها حب استطلاع ، وترغب فعلا في التجديد والإصلاح ، والتقدم نحو الأمام دوما ، أو بعبارة أخرى هذه المواهب الكامنة بحاجة إلى أن نكتشفها ونفتش عنها في داخلنا حتى نجدها ..
فقد يكون بعضنا لديه وة حفظ رهيبة أو ذكاء وعبقرية كبيرة ، أو لديه القدرة على الإبداع الكتابي ، النثري أو الشعري ، أو في كجال القصة والرواية ، أو الخاطرة أو المقال ، أو البحث أو التحليل ، وربما لديه موهبة الإلقاء والخطابة ، أو الصوت الندي في قراءة القرآن أو الإنشاد ، أو لديه القدرة على المحاجة وإحقاق الحق ، ومناقشة المبطلين والتصدي للمفسدين ، أو لديه موهبة الرسم أو لديه الاستعداد لأن يكون ماهرا في رياضة معينة أو لديه طاقات جسمية كامنة تخوله أن يكون مقاتلا مقداما ، وفارسا شجاعا ، أو ربما لديه موهبة النحت والنقش ، أو لديه وسائل إقناع ودعوة وتبليغ ، وأساليب إرشاد رائعة ..
كل تلك المواهب وآلاف غيرها قد تكون داخل أي أحد منا ، ولكن الغبار المتراكم من عواصف التخاذل والتقهقر ، والوساوس المبرحة ، والمعتقدات الخاطئة غطى عليها ، فتوهمنا أنها غير موجودة ..
واكتشاف هذه المواهب إنما يأتي بالمحاولة الجادة المثمرة ، والصبر والاحتساب ، لا بمجرد تجربة خاطفة نحكم على أنفسنا بعدها بالفشل ونرسخ فيها اعتقاد أننا لا نصلح لشيء ..
فقد أمرنا الله تعالى بالنظر في أنفسنا ، فقال : " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " ..
فقم بمحاولة جادة لاستقصاء مواهبك ، لتوظفها التوظيف السليم الذي يعود عليك وعلى مجتمعك بالخير بمشيئة الله تعالى ..

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق