الاثنين، 23 أبريل 2012

كيف تنمي الثقافة الدينية لطفلك؟ الحلقة الرابعة

بعد معرفتنا للمؤثرات التي تؤثر في الميول الثقافية لأطفالنا ، آن لنا أن نمشي في طريق التثقيف الديني خطوة خطوة حتى يتحقق المراد بإذن الله بتخريج أطفال لهم من ملكة الثقافة الدينية ما يؤهلهم لقيادة حياتهم نحو الأفضل ، فما عيشهم إلا بالدين ، وما صلاح حياتهم إلا بالتسلح بالعلم الديني النافع ..
فكما تعلم – أخي المربي – فإن لكل غاية وسيلة ، ولكل هدف طريق يوصل إليه ، ولأصحاب الآمال وسائل وطرق شتى ينشدون من خلالها الوصول إلى آمالهم وتحقيق غاياتهم ، وأنت صاحب أمل عظيم ، وهدف هو من أهم أهداف الحياة ، فلنحاول سويا البحث عن الوسائل المناسبة الهادفة لتحقيق الثقافة الإسلامية السوية لأطفالنا ، وبدوري أضع بين يديك بعض الوسائل المقترحة :

الوسيلة الأولى : التحفيظ والتلقين المباشر
للطفل ذاكرة قوية ، وملكة حفظ رهيبة ، قد لا يدرك حجمها كثير من الناس فيهملونها ويظنون أن أمور التحفيظ والتلقين إنما هو من اختصاص المدرسة أما ما دام الطفل في مرحلة ما قبل سن السادسة أو السابعة فإنه لا يمكنه أن يحفظ إلا أسماء عائلته ، وكلمات المخاطبة البسيطة ، لذلك تجد الإهمال الشديد في هذا الجانب ، وربما إغفاله نهائيا في بعض الأسر ..
والأمر ليس كذلك ، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل يلتقط ويحفظ ما يردد على أذنيه في مرحلة مبكرة جدا ، حتى وهو جنين في بطن أمه في أشهر الحمل المتأخرة ، وقد عمدت إحدى الأمهات إلى الاستماع للقرآن الكريم ليل نهار أثناء الأشهر المتأخرة من حملها ، فكانت النتيجة أن طفلها حفظ القرآن في سن مبكرة جدا بفضل الله تعالى .
لذلك لا بد من الاهتمام البالغ بمسألة التحفيظ والتلقين المباشر ، فكما يقال : العلم في الصغر كالنقش على الحجر ، وفعلا الأمر كذلك ، فانظر في نفسك وما حفظته في أيام صغرك ، وكيف بقي محفوظا بدقة متناهية في ذاكرتك !
ويمكن استخدام هذه الوسيلة في تلقين الطفل :
(1)          لفظ الجلالة
فبمجرد أن يبدأ استيعاب الطفل ما يقال له ، ويبدأ في محاولة نطق الكلمات البسيطة مثل ( ماما وبابا ) ، علينا أن نلقنه لفظ الجلالة ( الله .. الله ) حتى يسبق في قلبه العلم الديني ، والتغذية الروحية  ، وهذا يتأتى غالبا في نهاية السنة الأولى من عمر الطفل وأثناء السنة الثانية ، وذلك حسب اختلاف الملكات الفكرية للأطفال والمواهب التي يتمتعون بها ..
(2) الشهادتين
بعد أن يستطيع طفلك أن يربط بين الكلمات محاولا تركيب الجمل ( أي بعد منتصف السنة الثانية في الغالب ) ، بدل أن يحفظ من بعض أطفال الجيران جمل اللعن والسب والشتائم  والبذاءة ، لقنه دوما شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، واجعله يردد ذلك مرارا وتكرارا عدة مرات في اليوم ..
(3)          البسملة وألفاظ الذكر
عود طفلك أن يبدأ كل شيء باسم الله ، عند أكله وشربه ونومه ودخوله وخروجه وفي كل أعماله وشؤونه ، وهذا الأمر يستطيع معظم الأطفال استيعابه عند سن الثانية أو دونها بقليل ، ويسعدون بتطبيقه ..
وبعد البسملة تأتي الحمدلة ، فليتعود طفلك على أن يشكر الله ، ويحمده ويسبحه ويقدسه : الحمد لله .. سبحان الله .. ما شاء الله .. لا حول ولا قوة إلا بالله ، وهكذا بقية الأذكار القصيرة ، فهذه العبارات الصغيرة في لفظها كبيرة جدا في معناها عند الطفل ، فقد حقق شيئا عظيما قد لا يدرك حجمه بعض الكبار ، ويكفيه أنه أشبع غريزة التعلم وأروى غريزة حب التدين والانتماء لعقيدة ، وهما من أهم غرائز الكائن البشري ..
(4)          السور القصار من كتاب الله تعالى
وذلك عن طريق استماع الطفل لترديد والديه لتلك السور حتى قبل أن يحسن القراءة ، فلا تنتظر أن يدخل طفلك الروضة حتى يحفظ سورة الإخلاص والفلق والناس وأخواتها ، فإنك بذاك تفوت فرصا عظيما من القابلية الرهيبة للحفظ عند طفلك باعتقادك الخاطئ أنه لا يستوعب ذلك ..
ويمكن استخدام الأشرطة السمعية للجزء الأخير من القرآن الكريم ، سيما أشرطة المصحف المعلم ، الذي يستطيع الطفل  عن طريقه أن يردد خلف القارئ مع جملة الأولاد الذين يرددون في الشريط ..
كما يمكن أن تجمع الأطفال الصغار من أبناء الأقارب أو أبناء الحي ، وجعلهم يرددون خلفك آية أو سورة قصيرة من القرآن ..
(5)   بعض الأحاديث النبوية الجامعة قصيرة المتن مثل : " تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، " من غشنا فليس منا " ، " الدين النصيحة " ، وغيرها في سنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – كثيرة ، فإنها ستكون نبراسا لطفلك في حياته حين يحفظها في صغره سيما إذا اقترنت بشرح مبسط من فم والده القدوة الأعظم ، حيث يرسخ الفظ مقرونا بالمعنى ، وهذا يمكن أن يكون في سن الثالثة وما بعدها ..
(6)          الأدعية المأثورة ، سيما القصيرة منها ..
مثل دعاء دخول البيت والخروج منه ، ودخول دورة المياه وباقي الأدعية المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ينبغي أن تحفظها طفلك عن طريق ترديدك لها دوما فتلتقطها الأذن الصغيرة المتعطشة للثقافة الجديدة ، وبعد ذلك تطلب منه أن يكررها خلفك ، ثم يستقل بترديدها بنفسه في وقتها ، فكم لقينا من شباب لا يحفظون أبسط هذه الأدعية ، حيث إهمال والديهم لتزويدهم بها في الصغر طمعا في تعليم الزمان واتكالا على دروس الحياة ، فلا يكن طفلك مثلهم ..
(7)   بعض الآثار المروية عن الأئمة الأجلاء وحملة العلم وأعلام الهدى ، وهذا يكون بعد تلقين الطفل شيئا من الكتاب والسنة ، حتى يكون ارتباطه بربه ونبيه أكبر من ارتباطه بأي ارتباط حتى وإن كان الارتباط بشخصيات دينية ، فقل لطفلك مثلا : يا حبيبي ماذا يقول عمر بن الخطاب في هذا ؟ وأخبره بالعبارة وهكذا ..
(8)          المتون القصيرة المبسطة الجامعة ، التي تقيد العلوم ، وتسهل طرقها ..
(9)          الأناشيد الإسلامية ، الموجودة على كتيبات خاصة بها ، أو على أشرطة سمعية ..
فمن خلال توفيرها في مكتبة الطفل يمكن أن يسمعها الطفل باستمرار ، وما أكثر ما يحب الأطفال ألأناشيد الطفولية ،وتجدهم يحفظونها بسرعة رهيبة ، وهذه لها دور كبير في تصحيح اللغة لديهم ، كما تساهم بشكل فعال في التثقيف الديني ، والتربية الروحية للطفل ..
فيمكنك – عزيزي – أن تطلب من الطفل من فترة لأخرى أن يسمعك شيئا من الأناشيد التي حفظها ، ولتشجعه على المواصلة والمثابرة ..
وإلى الحلقة القادمة ، ووسائل أخرى لتثقيف الطفل إسلاميا أتركك في رعاية المولى ..

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق