الأحد، 29 أبريل 2012

مع عاملات المنازل .. الحلقة الأولى

قبل زمن ليس بالطويل ..
كانت أمنا تأتي بالحطب من مسافات بعيدة لتوقد به نارا تصنع بها شيئا لذيذا يأكله الأولاد الأشقياء الذي لم يشكروا لله ولا لهن ..
فما كان هناك غاز وفرن وطباخة ..
لتخطو خطوات إلى الملابس المرمية هنا وهناك لتقوم بغسلها بيديها الكريمتين ، فلم تكن هناك غسالة للملابس ..
أما الماء وما أدراك ما الماء ، قد يجلب من مكان سحيق كي يشرب خالد وتغسل فانيلة ناصر المتسخة ويصنع به طعاما لأبي العيال وأبناءه النجباء ..
عندما يرين البيت متسخا تمسك كل واحدة ( مخمتها ) لتقوم بكنس البيت نقطة نقطة ..
كن يتعبن فعلا ، ولكن لا يتذمرن ، وإن فعلن فلا لوم عليهن فكل شيء بتعب ونصب ..
اليوم ..
جاءت الغسالة ( الأوتوماتيكية ) لتتسلم الملابس كل يومين أو ثلاثة ، لتسلمها بعد ساعة نقية لا تحتاج إلى لشيء من أشعة الشمس ..
وهرول إلينا الفرن والطباخة ليرضعا من اسطوانة الغاز ، ذلك الغاز المسال لينتجا لنا نار نطبخ بها ما نشاء دون ( دخاخين ) وروائح ونفخ ، ووجع صدر ، وتعب وعناء ..
وتكفلت ( الكناسة ) الكهربائية بكنس البيت الذي أصبح مغطى بالزل والفرشات ..
كل شيء أصبح آليا ، بضغطة زر واحدة يتحقق لك ما تريد ..
فقل تعب عمل البيت ، وهو في نقصان بتطور الآلات وبفضل التقنيات الحديثة ..
ومع هذا تزداد الحاجة للخادمات والشغالات في البيوت ..
لا أدري لماذا ؟
أهو الكسل والدعة وحب الراحة ؟ أم زوال البركة ؟ أم ذهاب العافية والصحة ؟
أم هو الترف ؟؟؟
وكأي شيء ترغب فيه النفس ويدعوها هواها له  تجد المبررات جاهزة عند كل واحدة تستقدم خادمة سواء كانت محتاجة إليها أم لا ..
أنا تعبانة .. أنا مريضة .. الأولاد يجننوني .. أريد التفرغ للقراءة والعلم !!! ، متاعب الحياة زادت .. الزمان اختلف .. وهكذا ..
فلنبحث سويا متى يحتاج البيت فعلا لخادمة كحاجة فعلية ، ومتى يكون الأمر لا يتعدى كونه ترفا وحبا للراحة وجلبا للسمنة والأمراض ؟؟
عندما نكون واقعيين فإنني أقف قليلا مع بعض النساء حين ينادين بأنهن بحاجة لخادمة وذلك لعدة أسباب :
(1)      الصحة لدينا فعلا تدهورت ، فقد كانت الأم وهي حامل تستطيع أن تعمل ما لا تعمله نسائنا في الحالة الطبيعية ، كما أن ولاداتهن في البيوت كانت بالبيوت طبيعية ، بينما الآن تجد الممرضات حول كثير من النساء  تبذل الكثير حتى يساعدنها في ولادتها ..
(2)      هذه الآلات فعلا تخلق جوا من الراحة ، ولكن التقنية الحديثة عموما عقدت الحياة ، وصعبت كثيرا من جوانبها ، فمرافق البيت وأدواته اتسعت وكثرت بشكل ملحوظ ، حيث كان البيت قديما تلفه البساطة ويحيط به التواضع ..
ولكن هل يعني هذا أن كل بيت من بيوتنا أو حتى هل معظم بيوتنا بحاجة إلى خادمة ؟؟
وما أسباب كثرة الخادمات إن كان معضمنا لا يحتاج إليها فعلا ؟
هذا ما سنحاول البحث فيه في الحلقة القادمة – بإذن الله - .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق