الاثنين، 30 أبريل 2012

قوانين المرور .. رؤية شرعية

ربما سرت بسيارتك يوما في أحد الشوارع العامة بالسرعة القانونية المعروفة ، ولمحت شيئا مر من على يسارك كالبرق الخاطف ، لا تكاد تميز شكله أو نوعه أو لونه ، فكل ما عرفته عنه أنه سيارة !!
قد يكون في ذلك مبالغة ، ولكن إن قدر لك وعرفت ما رأيت ، فقد تجد ما مر بك عبارة عن سيارة صغيرة لو مرت بجانب شاحنة يكاد الهواء الذي تحركه الأخيرة أن يقذف بالأولى خارج الشارع ، وعندما تتجاوز سرعتها ال 140كم/ الساعة ، فعليك التشبث بمقودها ، فتتملكك دهشة من نوع خاص عندما تعلم أن ما مر بك كان على سرعة 180 كم / الساعة أو يزيد !!!
وهب أنها كبيرة وثقيلة و( رازحة ) كما يقولون ، فما الذي يمسكها على مثل هذه السرعة الرهيبة إن فاجأ سائقها شيء أو انفجر أحد إطاراتها أو أو ؟؟!!
موقف آخر : عند الإشارة الضوئية ربما رأيت الإشارة تلمع عدة مرات منذرة بالانتقال من اللون الأخضر للأحمر ، فوقفت قبلها ، لتجد برقا آخر يمر عليك من اليسار وقد استقر لون الإشارة على الأحمر ، غير أن صاحبنا عزت عليه نفسه أن تتغير الإشارة في وجهه فقال : المعي ما شئت فسأمر حتى ولو صرت سوداء ..
وما درى هذا المغرور المستهتر أن الناس عند الإشارات الضوئية تتكل بعد الله على الإشارة فتنطلق بكل طمأنينة وأمان ، فالاستهتار عند الإشارة أخطر بكثير من تقاطع ليس منظما بإشارة ..
نكتفي بهذين الموقفين المشاهدين يوميا عشرات المرات ، هي وأخواتها من استهتار بقوانين المرور وقواعد السلامة ، من سرعة جنونية ، وتجاوز من اليمين ، وتجاوز في منعطفات ، والسير في الخط الآخر عند المنعطف ، وعدم الالتزام بحزام الأمان ، وتجاوز الإشارات الضوئية ، والدخول في التقاطعات دون نظر وتفحص ، والاستهتار باللوائح والإرشادات على جانبي الشارع إلى غيرها من أمور أصبحت عند بعض الشباب كشرب الماء الزلال ..
وما النتيجة يا ترى ..
حوادث يومية أودت بأعداد هائلة من الشباب في عمر الزهور ، وأطفال يتموا ، وزوجات رملت ، وشيوخ فقدوا فلذات أكبادهم وأطفالهم ونساءهم ، وإصابات خطيرة نسمع عنها هنا وهناك في رجل زيد وظهر عمرو ، وسيارت دمرت بالكامل ، وأموال أنفقت فيها ، وفي محاولة إصلاحها صارت في خبر كان ..
وإن جئت سائلا عن السبب ، تجده الاستهتار بقواعد المرور غالبا ..
ولكن السؤال الكبير لم الاستهتار بقواعد المرور ؟
هنا تجد إجابات غريبة وعجيبة ، سنقف عند واحدة علها أغربها وأشدها تفلسفا وتعالما ..
·       لأن هذه القوانين وضعية وليست شرعية !!
من قال لك أيها المتعالم أن هذه القوانين ليست شرعية ؟؟!!
قوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "  أليس قانونا ؟ فمن وضعه ؟؟!!
قوله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " أليس قانونا ؟ فمن سنه ؟!!
" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " أليس قانونا ؟ من شرعه ؟!!!
قول المصطفى – صلى الله عليه وسلم – : " من قتل نفسه بحديدة ... "  أليس قانونا شرعيا ؟
لقد حرم الإسلام الحنيف كل ما يؤدي إلى التهلكة ، ويؤدي إلى قتل النفس والغير ، فالنفس محرمة وذاك من ضروريات الدين وأساسياته ، وإن مخالفة كثير من قوانين وقواعد المرور مدعاة إلى التهلكة وملقاة للنفس والغير بين أحضانها ، وما سلامتنا أمس وقبلها دليل على أن الأمر ليس سببا للهلاك ، فقد هلك غيرنا ، وأهلكوا آخرين ..
من يسير بسرعة جنونية فيموت أو يقتل غيره ألا يعد منتحرا أو قاتلا شرعا ؟ أم هو شهيد في زمن كثر فيه الشهداء وتنوعوا ؟!!
من يتجاوز إشارة حمراء فيقذف بسيارة منعطفة من الجانب الآخر بكل اطمئنان حيث إشارتها خضراء لتخر على الأرض رأسا على عقب ( حدث هذا منذ فترة بسيطة في ولايتنا ) ، أليس ضامنا شرعا ؟
وكذا في التجاوزات ودخول الشارع والخروج منه كلها تحدها قوانين شرعية كقانون لا ضرر ولا ضرار ، وقوانين القتل والضمان وغيرها ..
إننا لا نتكلم عن شخص لديه ظرف طارئ جدا ، اضطر لزيادة سرعته ، أو شخص نسي أو لم ينتبه لكذا أو كذا ، وإن كان على الإنسان أن يتنبه دوما ويأخذ حذره ، إنما نتحدث عن استهتار رهيب حصد الكثير ..
ثمة فضائع وأهوال وفواجع يقطر لها القلب دما ، وتذوب لها النفس حسرة تحدث يوميا ، وهذه حقيقة يدركها الجميع إلا من أعمى عينيه وأصم أذنيه ، وكابر عقله ، وركب لبه ..
أيها السائق ..
·  إن استهتارك بقواعد السلامة في الشارع إنما هو استهتار بجزء من الدين ، وتهاون في  جانب من الشريعة الغراء ..
·  التهاون في قواعد المرور منك ومن غيرك قد يقتلك اليوم أو يقتل أحد أهلك غدا أجاركم الله وسلمكم ..
·  الاستهتار بأنظمة المرور يستنزف الاقتصاد استنزافا ربما لا يشعر به الفرد الواحد وفي حالة واحدة تدرس وحدها ، وإن كان العاقل يدرك ذلك ، ولكن لو جمعنا الحالات اليومية المتكررة لوجدنا ما يشيب الطفل ، ويقف منه الشعر ..
فتعقل ، ودع الكبر والمكابرة والغرور والاستهتار جانبا ، تسلم ويسلم أهلك وأبناء مجتمعك بإذن الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق