الاثنين، 30 أبريل 2012

رسائل الجوال .. إلى أين ؟!

ركن الشاب البطل هاتفه النقال إلى زاوية ليغيب عنه لحظات ، ويعود ليجد على شاشته :
الرسائل الواردة = 10
يبدأ بتصفحها بلهف وشوق ..
ما وجدت يا ترى ؟ علك استفدت علما ، أو ذكرى ،أو بشرى ، أو نصيحة ، أو شيئا من عبق أخوة ، أو نفحة من فائدة عظيمة ..
فنغمات الرسائل المتوالية على هاتفك تنبئ عن شيء ..
الرسالة الأولى :
واحد جالس في كذا ، وحصل له كذا ، واكتشف كذا .. ( اضحك على كيفك )
الثانية :
وحدة تغازل واحد ، وقال لها كذا ، فغمزت بكذا ( اضحك على كيف كيفك ) .
الثالثة :
( سنور ) يغازل ( سنورة ) وحصل كذا ( حلوة ، لا ؟ )
الرابعة :
اسمع نكات آخر موديل : ......
الخامسة :
إذا ( طلعت ) مر علي ، أو : أين أنت ؟
السادسة وما بعدها :
غير قابلة للعرض ..
بعد قليل تصل رسالة جديدة : تم استلام رسائل وسائط متعددة :وما فيها يا ترى :
·       اسمع يا حبيبي نكات آخر موديل ، وبعد ذلك ما يزيد على أربعين نكتة ..
·       مقطع غنائي لفلان أو فلانة ..
هذا غيض من فيض ، وقطرة من بحر عميق غرق في لجته كثير من شبابنا ..
فأصبح هم الواحد منهم أن يرسل أو يرسل له كل يوم مجموعة ابتسامات مكذوبة مضحكة ، يعلم يقينا أنها كذب في كذب ، أو مقطع غنائي لـ ( الفنانة ) فلانة ، أو شيئا من كلام القذارة والانحطاط و( السفاهة ) ، ليشعر بشيء من النشوة والسعادة الزائفة ..
فتتراشق الهواتف – وليس لها ذنب – يوميا كما هائلا من الرسائل الغثة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، تستنزف بشكل يومي المال والجهد والوقت والفكر ..
فلو تصورنا أن عشرين ألف شاب أرسل لأصحابه كل يوم 5 رسائل فقط من هذا النوع ، لكان المجموع مئة ألف رسالة ، أي هدر ألف ريال عماني يوميا ، وهذا على اعتبار أنها رسائل نصية ، فكيف بغيرها ..
أما الوقت فوقت إرسال النكتة ، ووقت قراءتها ، ووقت التفكير فيها ، وأوقات تذكرها للتسلي بما يضحك فيها ، كلها أوقات مهدورة لا طائل من وراءها ..
وأما الفكر فما أشغل للفكر من أن يملأ بآلاف النكت والابتسامات ، والكلمات الساقطة ، والجمل المنحلة ..
طاقات وطاقات نستهين بها ، وهي والله عظيمة تذهب أدراج الرياح ..
فليعقل شبابنا ، وليتذكروا :
·       الأمة الإسلامية ترزح تحت وطاة احتلال فكري وعسكري واقتصادي مدروس ومخطط له ، ونحن نائمون غافلون سادرون في غينا ..
·       آلاف الأطفال التي ترمل وتقتل ، وآلاف الأعراض التي تنتهك هنا وهناك في أرجاء العالم من لها ومن لهم ومن ومن ؟؟؟؟
·       الفقراء الذين يملؤون العالم بحاجة إلى ما يدفعون به شبح الجوع ، ولا أقول شبح الفقر ، فذاك عندهم بعيد المنال ، وقد يكون أحدهم يقبع خلف بيتك ، أو وسط حارتك التي تسكنها يا صاحب : الرسائل الصادرة = 20 .
·       لو وجهت هذه الطاقات الهائلة في الخير والعلم والفائدة ، لحصدنا كما هائلا من المعلومات والذكريات والنصائح والتوجيهات ، ولعم خير عظيم ، ولأظلتنا رحمة من الله من حسن صنيعنا ، ولله الفضل وحده .
·       إن كل كلمة ترسلها عبر هاتفك إنما هي من واقع عملك الذي يكون شاهدا لك أو عليك يوم القيامة ،وستسأل عنه أمام ربك ،  فانظر ما تكتب ، وكذا ما تستقبل وترضى به ..
·       إن عجلة الأيام تعدو بك بخطى حثيثة ، نحو الأجل وما بعده ، فانظر ما أعددت له ..
 والعاقل الكيس من يأخذ من دهره العبرة
وأخيرا قد يقل قائل : إن هذا تعقيد وتشدد ومغالاة ، فليقرأ جيدا وليتفكر جيدا ، وليمد بصره قليلا ، وليتأمل الواقع مسيرا ومصيرا ،  فسيبصر الحقيقة بإذن الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق