السبت، 26 مارس 2011

اختر طريقك (1)

كثيرة هي الطرق ..
ومتشعبة هي المسالك ..
وذاك طبيعي مع اختلاف النظرات والأشربة والأهداف ، وتباين التفكير والتخطيط من حسن وقبيح ، وصواب وخطأ ومنظم وعشوائي ..
وطبيعي أكثر كونه في دار الابتلاء والاختبار ، التي وهب الله المبتلين فيها عقولا ، وأعد لمحسنيها دار إحسان ونعيم ، وللمتخبطين والناكصين دار شقاء وعذاب ...
فاختار الناس طرقا شتى ، ومشارب مختلفة في الحياة ..
وعاش الكثير منهم بلا هدف ولا غاية يرمي إلى تحقيقها ، منحط الهمة ، خامل العزيمة ، لعدم وجود ما يؤججها ، تعددت لديه الولاءات لغياب الطريق ، وضياع الهدف الذي يوحدها ، تشعبت به المسالك ، لحاجته إلى هدف يرسم له الطريق ، تمر عليه السنوات والسنوات دون أن يحقق أدنى نجاح في حياته ..
فاشتكى المجتمع من قلة انتاجيته ، وآذى البلاد والعباد تخبطه العشوائي ، وغوغائيته المقيته ، وتفاهة سلوكياته ، حتى كره نفسه ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، وملت قدماه مختلف الدروب ...
أؤلئك قوم أنأى بقارئ سطوري هذه أن يكون منهم ، ,وأقرر حتما أنه لا يحب دربهم ، ولا يرغب جني فاسد ثمراتها ..
أخي الكريم ..
هل سألت نفسك يوما : إلى أين أنت ذاهب ؟ وفي أي درب تسير ؟ وهل هي الدرب السليمة ؟ وهل أمكنت قدماك فيها ؟ بل هل أنت مقتنع بها تمام الاقتناع ؟
إذا رزأت سطوري المتواضعة بجواب النفي ، فقد آن الأوان لتواجه هذه التساؤلات وجها لوجه ، فابدأ ولا تتردد ..
واعلم أن اختيار درب معين مهم جدا أهمية بقاءك في هذه الحياة ، وبمقدار ثمن السعادة والراحة عندك !
أما لم ؟ فلعدة أسباب رئيسة أهمها :
أولا : إن حياتنا – أخي العزيز – أغلى وأسمى من أن نقضيها لاهثين بين مختلف الدروب ، ومتشعب المسالك ، كما أنها أقصر من أن نقضيها في تجربة الأهداف واختبار الغايات غاية
 بعد غاية .
ثانيا : مما لا شك فيه أننا لم نخلق عبثا ، ولا نموت هملا ، وإنما خلقنا من أجل غاية سامية ، ولكل غاية طريق موصل إليها ، إن سلكنا غيره لم نصل أبدا ، لذلك علينا تمكين أقدامنا في بداية الطريق ، ثم الحذر من الانحراف والزيغ عنه ..
ثالثا : اضطراب الغايات وتعددها ، يؤدي إلى تداخل بينها ، بل تصادم في كثير من الأحيان ، ونحن من ندفع جميع  تكاليف الحادث وغراماته ، لا من جيوبنا فقط ، بل من مهجنا وأوقاتنا وقلوبنا وأرواحنا ..
وتلك الحوادث المتكررة تؤثر سلبا على نجاح الجميع ، كما يؤثر حادث السيارات على أداء أطراف الحادث وسيرهم ..
واعلم أن توحد الغايات من أكبر أسباب نجاحها ، وبالتالي نجاح الإنسان في الحياة ، وتأديته للرسالة التي كلف بها على أكمل وجه .
رابعا : توحد الغاية يفضي إلى الراحة النفسية ، والاستقرار الضميري ، لعدم تشتت الفكر والسلوك ..
إذا جعلت الهم هما واحدا .... نعمت بالا وغنيت راشدا
خامسا : تحديد الغاية ، ومعرفة الطريق يوفر الكثير والكثير من الوقت والجهد والمال ، ألا ترى مثلا أن ثمة فرق بين ذاهب إلى مكان لا يدري موقعه ولا مواصفاته ، وبين ذاهب إليه عارف بالدرب من بيته إلى قعر ذلك المكان ؟ من ناحية تكاليف الجهد والمال على الأقل .
بعد ذلك كله يتبين لك وأنت بين الأمواج المتلاطمة في بحار الحياة أن اختيار درب قويمة واضحة هو سفينة النجاة ...
ولكن كيف ؟
هذا ما سنبحثه سويا في الحلقة القادمة بإذن الله ...

محمد بن سعيد المسقري
Almasqri1@hotmail.com

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق