السبت، 26 مارس 2011

لكل قلب مفتاح

إن قلوب الناس الذين بين أظهرنا والتي يحملونها بين جنباتهم عبارة عن صناديق مقفلة تحمل في داخلها أسرارا وأسرارا ، لا تراها عين البصر ، وقد تتكشف لعين البصيرة الحاذقة ..
وكم مشى رجل ورجل وامرأة وأخرى وتراهم ظاهرا يحملون قلوبا أشبه ببعضها من النجوم الزواهر في اتساقها ورونقها وتشابه أنوارها ، وهي في الحقيقة مختلفة اختلافا قد يصل إلى اختلاف بصمات أصابعهم ، فسبحان من خلق فأبدع ، وهدى النجدين ، ورتب عليهما مختلف المصيرين !!
فمغالق القلوب – أخي الكريم -عقدت أحزمتها على هموم واهتمامات وهوايات مختلفة ومتنوعة ، فتجد  شابا هنا جل همه السيارات وأنواعها ، فنعم الحديث عنهن ، وغاية الثقافة معرفة أنواعهن  وآخر ( موديلاتهن ) ، وآخر هناك تشغل ( النقالات ) المساحة الكبرى من تفكيره أنواعا ومميزات وأنظمة ، وثالث مع الحاسب الآلي وتطوره ، وآخر المستجدات في أنظمته ، ورابع قلبه والكرة صديقين حميمين ، اقتضت الصداقة بينهما أن يلهج لسانه بذكر المباريات والأندية والفرق ، وسهرت عينه على متابعة المباريات ، وخامس وما أدراك ما الشأن همه الدعوة إلى الله ، وطرق توصيل الخير للناس ، وسادس وسابع وعاشر تملكتهم هموم أخرى ، وملأت قلوبهم أطنان من أفكار شتى ..
وترى شيخا قابعا في حلقة مع أقرانه ، لتسمع لسانه مجتهدا في الحديث عن ( الأموال ) والزروع والأفلاج ، وحكايات القدماء ،  ونقد الحاضر ، ويشاركه أقرانه التأفف من الدهر والزمان ، وندب الشباب أو الاستمتاع بذكرياته وآماله ، أو نقد سيرة الشباب و (فسادهم ) ..
وثمة امرأة عقلها وزوجته الموضة في زواج وطلاق ، ووفاق وخصام ، وأخرى للذهب معها حكايات وحكايات ، وثالثة ملت وجهها محلات الملابس والخياطة ..
وقد تقتضي  الهموم وتفرض التفكير الوظيفة أو العمل أو البيئة أو التربية أو الصحبة أو الجيرة  الكتاب أو المجلة أو الصحيفة أو التلفاز وما إلى ذلك ..
فليس من الغريب أن تسمع معلما أو معلمة ثلاثة أرباع كلامه عن الطلاب ومشاكلهم ، والمشرفين وتوصياتهم ، والمديرية أو الوزارة وقوانينهما ..
ولا يستبعد من صبي ربي على الأفلام والأغاني أن تكون ثقافته ثقافة أفلام ن ونشأته وفق ما تقتضيه ، وما يعرض فيها ..
 إن كل هذا الزخم الهائل من الأفكار والهموم  المختلفة إنما هو سنة من سنن الحياة التي فطر الله الناس عليها ، إذ لو اتفقت القلوب ، ورأت كلها الرأي الواحد ، وسلكت الاتجاه الموحد ، لما اختلف الناس إلا في صور وأشكال ليس لهم فيها حول ولا قوة ، ولتعطل الجزاء والعقاب ..
أخي الكريم
لقد خلقنا الله اجتماعيين بطبعنا ، نحب أن نألف ونؤلف ، كما أننا يوميا نجتمع مع هذا وذاك ، ونلتقي زيدا وعمرا في مجلس أو مكتب أو صحبة في سفر أو حضر ، وقد تجمعنا بهم حوادث الزمان وتقلبات الدهر ..
فنحتاج إلى التأقلم مع الجو ، والتكيف مع الوضع ، وذلك يتطلب منا أن نكون حذقين بارعين في التعامل مع كل شخصية بالتعامل الذي يناسبها ، ولا يتأتى ذلك إلا بمفاتيح القلوب ..
أجل ..
فما يضرنا أن نتكلم عن المباريات للحظات مع شاب جلسنا إليه ، جل حديثه عن المباريات والرياضة ، ولو كنا لا نحب هذا اللون من الحديث ، ولا يلفت انتباهنا هذا النوع من الأخبار والأحداث ، وما عسانا نخسر حين نجلس إلى شيخ ونأتي له شيئا من قصص الأجداد التي نسمعها ، حتى ننفذ إلى سويداء قلب هذا وذاك ، فيجدون في الجلوس إلينا الراحة ، بدل التنفير ، والتشدد المصطنع ، والجفاء الذي لا يأتي إلا بالتباعد ، ويجعلنا نعيش في واد والناس في واد آخر ..
فحاول دوما أخي الكريم اكتشاف مفتاح قلب كل جليس من خلال حديثه ، واهتماماته ، وشاركه همومه وإن كانت تافهة ، ثم انتقل به إلى ما تود أن ترفع به فكره وترقي به اهتماماته ، ما لم يكن الحديث معصية أو إثما ، عند ذلك فالحكمة والموعظة الحسنة ، ومحاولة تغيير مسار الحديث بطريقة لبقة ذكية ...


محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق