الجمعة، 27 أبريل 2012

عندما يموت الضمير.. الحلقة الأولى

مشت متثاقلة الخطى ، تسحب أذيال الفقر ، بعد أن أصبح الفقر عارا عند ثلة من الصنف الآخر ، تقدم رجلا وتؤخر أخرى ..
إلى أين ؟ إلى بيت ابن أخيها المترف ، وقد حملت على ظهرها هم دين لا يبلغ نصف المائة ريال لرجل أوشك على السفر والرحيل ، ولم تجد ما توفي به حقه ..
تطرق جرس الباب بيد مهتزة ليس فيها قوة الترف – الزائفة -  ، وعنفوان الثراء ..
تستقبلها زوجته بابتسامة وترحاب سرعان ما تمحوهما معرفة سبب الزيارة ..
كم عليك له ؟ لم لم تدفعي له سابقا ؟ ما الذي يعجله للسفر ؟ ما لزوجك لا يتصرف يتركك تهيمين بحثا ؟   منذ متى اقترضت هذا المال ؟ لو طلبت من أهلك ذلك كان أفضل !! الإنسان يتعجل أحيانا !!!!
هذا بعض نص التحقيق واللوم الذي ترمى جمله واحدة تلو الأخرى في وجه الفقيرة البائسة ، التي بدأت تتلو أسمى آيات اللعن للحظة التي فكرت فيها بالقدوم إلى هنا ..
ويأتي الجواب المغلف بشيء من الشفقة في الجزء الثاني من الكلام ..
وحقيقة ليتني أو ابن أخيك قادرين على مساعدتك ، ولكن عموما حاولي البحث والله يساعدك ، واحذري من الديون !!
أيتها المحترمة : بل ليتك لم تكوني قادرة على المساعدة فما فائدة ترف تتقلبين به أنت وزوجك وأقرب المقربين إليكم في أمس الحاجة لمعونات بسيطة ولا تكلفان نفسيكما أدنى التفات أو نظرة فيها شيء من الشفقة والرحمة ..
ليتك لم تكوني قادرة ما دامت قدرتك لا تستطيع إلا الاستهزاء بالفقراء وحالهم ، والتكبر والتغطرس عليهم ..
ليتك لم تستطيعي فعلا ، دامت استطاعتك وثراءك لم يقويا على الأقل على وعد بالمساعدة ، أو وعد بإبلاغ الزوج بالحالة ..
أيها القارئ الكريم ..
إن القريب الفقير والمعدم ، المحاط بواحد أو أكثر من الأغنياء الأقارب ، يتطلع دوما وباستمرار إلى شيء من الالتفات ولو البسيط إلى حاله وفاقته ، فإن لم يجد فإن من أضعف الإيمان أن تمد له يد المساعدة عندما يتعامى الجميع عن حاجته الشديدة ، ويريق ماء وجهه طالبا العون والمساعدة ..
ولا أدري كيف يعيش هؤلاء ، وكيف يهنأ لهم نوم ، تحت مظلة ترف مصابة بشلل كامل عن الحركة إلى الخير والمساعدة ، لا تعي إلا مصلحتها الشخصية ، ولا تفكر إلا في كنز المزيد والمزيد ، مغلفة بلون قاتم جدا لا يسمح بنفاد ضوء حاجة الأقارب فضلا عن غيرهم !!!
بل كيف يستطيعون رد مثل هذا الجواب ، والقريب يعلم وهم يعلمون والله قبل الجميع يعلم أنهم قادرون على أكثر من ذلك ..
تنطلق ألسنتهم في الاستهزاء بالفقير وفقره ، وربما التباكي بدموع تماسيح خبيثة على حاله ، ولكنها لا تقوى على قول ( سنحاول ) ، على أقل تقدير !!
بأي ضمير يعيش هؤلاء ؟ وكم مل جرام من الإنسانية تحوي قلوبهم ؟
ربما يتفضل المختصون باختراع ميزان حساس جدا جدا ، لقياس ووزن أشياء غاية في الخفة والدقة قد يصلح لما نطمح إليه ..
هل أصبحت صلة الأرحام والأقارب شعارا زائفا لماعا ، يردد في الدروس والمحاضرات لنسمعه ، ونعلق على فلان وفلان ، ونحن لا نعرف من القضية إلا حروفها ؟
لماذا يجد مثل هذا مئات الريالات لعزيمة جمع لها جمعا عفيرا من أصحاب ( الكروش ) ، ولا يجد بضع ريالات لعمته ؟!! وهو يدعي أنه آمن بالله ربا وبالإسلام دينا ؟
أكذا أمر دينك ؟ أهذا معنى صلة الأرحام لديك ؟
أم يكفي زيارة كل بضع سنوات يرونك فيها تختال بسيارتك الفارهة ، وثوبك الأنيق ، حاملا هاتفك الذي ربما يكون أغلى من بيتهم ؟!!
لنقف .. وننظر .. ونتأمل ..
فالكل ملك لله ، والكل راجع إلى الله ..

هناك تعليق واحد: