الجمعة، 27 أبريل 2012

بين أمواج المعصية /3.. بحر الوهم

كنت جريئا .. شجاعا .. حاذقا .. ذكيا .. في استقطابهن ..
مغفلات وما أسهلهن ..
سر عند أحد المجمعات ، واختر واحدة تتمايل وتتضاحك ، بل كأنها تراقص وتعانق ..
ارم لها رقما ، أو ارم لها غمزة ..
فالغمزة - أو الاستجابة لها بالأحرى-  تجر ما بعدها ، حتى ينتهي المطاف بما تعلمون ..
فكذا بدأت ، وعلى هذا الدرب زمانا مشيت ..
اشتريت اللذة بأثمان كثيرة ، وهل هناك ما هو أغلى منها ..
كنت سخيا معهن ، ولا أرضى أن تمن علي فتاة باتصال ، كل ما عليها هو ( رنة ) بسيطة تفهم المقصود ، ومع كل هذا السخاء فاتورة نقالي لا تتجاوز المائة ريال شهريا ولله الحمد !!!
ربما أستهلك ما تبقى من نصف راتبي في شيء من الهدايا الخفيفة للسميرات ..
وهل خلق المال إلا لنرتاح به ، وما أصنع براتبي إذن ..
مغفل من يجمع آلافا ليتزوج وعنده كل هذا الخير الوفير ..
أما أوقاتي وما أدراك ما أوقاتي ، فقد أطعمتها الاتصالات العاطفية الجميلة ، واللقاءات الرومنسية الرائعة ..
بداية ليلي تخطيط ، ونهايته متى ما حصل الصيد ليلة حمراء تقطر ماء ورديا لذيذا ..
وإن عز الطلب واقعيا في ساعة فاللذة موجودة في التلفاز وعبر الشاشات ، في الشبكة العالمية ( الانترنت ) ، فكانت هذه مفزعي عند تعسر تلك ..
فكم من .. شاهدت ، وكم في .. تمعنت ، وكم ب .. أحسست ، وكم وكم ..
فأنى للتنغيص أن يطرق بابي ، وأنا أتنقل من هذه لهذه ؟!!
عذرا قارئ قصتي ، تستوقفني اشارة حمراء عند لافتة مكتوب عليها : لا تكذب ..
وأقول : سمعا وطاعة ..
ما كذبت وما افتريت ، إنما كنت أحكي حلما يراودني قبل الطريق ، وأملا يداعبني منذ زمن قبل بداية الدرب ..
كذا كنت أود أن أعيش في الحياة الرومنسية ، وهذا أملي فيها ، وما ظننت بها إلا خيرا ، وكيف أتصور شرا في متعة ، وضيقا في انفتاح على أمور يكسر بها ( الروتين ) عادة ، بل يقضى بها على الضيق وأبي الضيق وأمه وأخواله ؟؟!!! وأحفاده أيضا ..
في البداية كنت أجد لذة غريبة من الانتصار حين يقبل رقمي أو يرن هاتفي يحمل رقم صيد وقع في الفخ ، تعقبها لذة ما بعد ذلك ..
وقبل أن أبلغ عشر الدرب ، كانت تنهشني ثلاث مشاعر ، كنت أصر على تجاهلها ، فهي ليست طبيعية بحال ، ولا يمكن لعقلي أن يستوعبها وسط كل هذه المتعة واللذة :
الشعور الأول : ضيق غريب عجيب يحيط بقلبي ، فكأنما ربط بسلك حديدي ، وعصر بقوة رهيبة ، وكادت مسامه ، وشرايينه وأوردته أن تغلق وربما تتفجر ، كان هذا يخامرني حصريا في سبع ليال من كل أسبوع ، وفي غالب أوقات نهار تلك الليالي ..
أما الشعور الثاني فقلق وخوف يجتاحني ويعصف بجوانحي ، حين أقف في طابور اللذة ، أو في قاعة انتظار المتعة ، فما أشدها من لحظات ..
 أما الثالث فحزن دائم على ما فات من لذائذ ، قضيتها أو لم أقضيها ..
مهلا ، وقد فتحت الإشارة ، واخضر لونها ، ضع يدك في يدي ، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع له فهما ، بل ما أدركته حقا بعد أن سلكت الدرب السوية ، وسرت حيث أمر الله ..
أما شعوري الأول فلأني فقدت سعة الإيمان ، فلم أجد سعة في غيره قط ، فانغلق قلبي على معاصيه ، فكانت تشده وتعصره ، ولا ناصر ولا معين ، فجنود الإيمان جرحى مكلومين ..
وأما الثاني فإن لحظات المتعة وانتظارها  تمتزج فيها مشاعر التلذذ بما سيأتي ، بمشاعر الخوف والقلق من تأخره أو غيابه ، ومن شعور السبع الليالي بعده ..
وأما الثالث فلأني حين فتحت خزانتي لم أجد شيئا يذكر ، بل وجدت ما أخجل من ذكره ، ونظرت في كفي فوجدتها صفرا ، فلا لذة بقيت ، ولا سعادة حصدت ..
أما حين ارتأيت أمرا آخر ..
وحدت عن هذه المغالطات ، أدركت الحقيقة ..
وحين عدت حقا إلى الله ، أسعدني الإيمان بالله ، واطمأنت نفسي باليقين بالله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق