الأربعاء، 25 أبريل 2012

كيف تنمي الثقافة الدينية لطفلك؟ الحلقة التاسعة

توظيف التلفاز ثقافيا

لقد أصبح التلفاز في يومنا جزءا من العائلة وأحد أفرادها كما يقولون ، وهو سلاح ذو حدين ، ينتظر منك –عزيزي المربي – أن توجه استخدامه في بيتك الطاهر نحو الخير والفضيلة والصلاح ، وإلا فإنه كفيل أن يهدم في يوم ما تبنيه في شهر ، وليس الأمر مبالغا فيه ، فإن أرباب الإفساد قد أتقنوا فن جر العقول الصغيرة و( الكبيرة ) نحو هاوية الانحلال ، ومن المتخصصين من يتخصص في هذا ، وبئس ما تفرغ له ضعف الطالب والمطلوب ..
ولتوظيف جهاز التلفاز في التوظيف الفعلي في الثقافة الدينية :
(1) عليك باختيار الأطباق التي تضعها على سطح بيتك ، والتي يمكن لأطفالك مشاهدتها ، وإنني أتعجب من أناس قد لا يعرفون من اللغة الإنجليزية فضلا عن غيرها إلا كليمات بسيطة جدا قد لا تتجاوز ( yes – no ) وأضرابها ، يعمدون إلى تركيب طبق ( hot bird  ) الأوربي على أسطح منازلهم ، والداهية الدهياء أنهم يجعلونه مفتوحا لأطفالهم على مصراعيه ، ولا أدري حقيقة ما الغرض والفائدة من ذلك إلا أنهم يسقون أنفسهم وأولادهم يوميا كؤوسا من السم الزعاف !!
(2) بعد اختيار الأطباق التي فيها بعض النفع والفائدة ، لم تنته المهمة ، فإن فيها السم والدسم ، فعليك بإبعاد السم الصرف من هذه الأطباق أيضا ، وذلك بتشفير كافة القنوات التي تبث الرذيلة ، كالقنوات المتخصصة في الأغاني الماجنة والميوعة ، ويغلب عليه طابع الفساد والانحلال ، ولا هم لها إلا إذكاء النواحي الغرامية والجنسية ، أو ينتصب جل بثها في التوافه وسفاسف الأمور ، فإن مثل هذه القنوات ما هي إلا سم ناقع إن لم تفسد الصبي أشغلت عقله وقلبه وفكره بترهات لا طائل من وراءها ، ليخرج إلى الأمة المسكينة وهي تعقد عليه آمالها ابنا عاقا فارغا قلبا وقالبا ، ميت الهمة والشعور ، متأرجحا لا مستند لظهره إلا الهزيمة النفسية التي يبثها الأعداء في قلوبنا بعد أن انفتحت لها ، ووجدتها أرضا خصبة .
(3) ساعد طفلك على اختيار البرامج والمسلسلات الدينية التي تقدم الصورة الصحيحة للإسلام والاستقامة على المنهج السليم – وما أقلها وللأسف الشديد – وشجعه على متابعتها ، واجلس معه في موعدها متى ما سمح وقتك بذلك ، وما كل ما يدعي الدين دين ، فكم من مدع للدين والدين برئ منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، فكثير من مسلسلاتنا – وللأسف – تشوه التأريخ الإسلامي ، وتقدمه في ثوب يدعم من يظنون أنهم الأسياد ، وأن لهم الأمر والنهي ، غافلين أو متغافلين أن أخسر الناس من باع دينه بدنيا غيره ، فلا هو دنياه أحرز ولا دينه صان ، فبئس من بيع وما أخسرها من تجارة !
(4) أبعد طفلك عن المسلسلات الكرتونية التي تهاجم العقيدة الإسلامية ، أو تمس شيئا من أركان الدين ، أو تطعن في المصطفى – صلى الله عليه وسلم – أو تهاجم أولياء الله ومن استقام على نهجه ..
فمن الأفلام الكرتونية من يعطي لبطل الفلم الخوارق التي لا تنبغي إلا لجبار السموات والأرض ، وله أتباع لهم من القدرات والطاعة ما حكاه الله عن ملائكته المقربين – أكرمهم الله وشرفهم – " ... "
وقد كانت أفلام الكرتون القديمة يغلب عليها غالب العفة والاحتشام ، أما اليوم فأصبح كثير منها يضع اللبنات الأولى لميوعة الشاب وانحلال البنت منذ نعومة أظافرهم ، ويذكي فيهم عواطف الحب والتفكير في الجنس الآخر في وقت مبكر جدا من خلال ما يعرض فيها من مشاهد ينبذها الحياء ، كانت لا توجد إلا في أفلام الكبار ..
من ناحية أخرى فإن في قنواتنا وبرامجنا ما يلبس ثوب الدين ، لتبث في نفوس أبناءنا عقائد فاسدة ، وتخرب عليهم خيالهم ، وتدمر آمال الأمة وطموحاتها من خلال التلاعب بعواطف ومشاعر أبناءها وفلذات أكباد المسلمين ، فلنكن واعين بما ينسج حولنا من مؤامرات وإن لبست لباس البراءة وادعت الطهر ، فإنهم يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ..
إننا – أخي المربي – في زمان لا مكان فيه للمغفلين الذين يرمون هذه الأجهزة في بيوتهم ثم يمسكون مقود سياراتهم لاهثين في الدروب هنا وهناك استصغارا واستحقارا لما يبث في بيوتهم وآثاره الجسيمة ، ظانين بغفلتهم أن كل ما يقال مجرد مبالغات ، فهو لم ير ابنه يوما يحاول أن يتسور بيت جاره كي يهجم على ابنته ، كما لم يسمعه يسب الذات الإلهية أو الملائكة ، فكل ما يقال تخريصات وتهويلات وتضخيم للأمور لا داعي له ..
إن أبناءك في هذه المرحلة إنما يحملون بذورا ، إن لم تسقها غفلات منك وتساهل منك في هذه الأمور  في مراحل قادمة فإنها ستسقى بطرق أخرى لاحقا ، والبذرة – كما تعلم - أيها المغفل لا ترى تحت الأرض ، وقد تطلع منها شجيرات خبيثة لا تلاحظها ، حتى تثمر الثمر الخبيث ، عندها تبدأ في لعن الزمان والدهر والمجتمع ، وأنت أنت من مهدت الطريق الأعوج لأبنائك ..
(5) احرص على برامج المسابقات الدينية التي تقام في كثير من القنوات ، وشجع طفلك على المشاركة في تلك المسابقات سواء بمراسلة الموقع أو المشاركة المباشرة عن طريق الهاتف ..
فغن نجح وحاز فوزا كان ذلك حافزا له على بذل المزيد لتثقيف نفسه إسلاميا ، وإن لم يحالفه الحظ ، فأعلمه أن المحاولة الجادة طريق النجاح أو هي نصفه الذي لا تتم إلا به ، وحاول أن توفر له جائزة بسيطة على محاولته ..
(7) عندما تتابع أخبار المسلمين او بعض البرامج الجينية في جهاز بيتك ، احرص على وجود ابنك معك لبعض الوقت ، وقم بالتعليق البناء على يعرض من لقطات ، وأخبار ومستجدات حيث أن سمع الطفل حين سماع  الخبر أو المعلومة أو متابعة البرنامج يكون لديه من التعطش والقابلية ما لا تتصوره .
ولا تترك أخبار المسلمين ومآسيها الدموية وخطط أعداءها تمر عليك دون أن تبث في روح طفلك الوعي وتبصره بحقيقة الواقع الذي يعيشه ، فلتعرفه بأعداءه الحقيقيين ، وليكن على بينة من أمرهم وخططهم بأسلوب يدركه عقله ..
مع مراعاة أمرين مهمين في هذه القضية :
أولها : السن ، فليس كل طفل يستوعب هذه الأمور ويتقبلها عقله ، فلا تنبغي التوغل فيها عند طفل صغير توشوش عليه فكره ، وتضيع عليه فرح طفولته وبهجتها ، فتشغله بهموم الكبار التي لا يد له فيها ، بل ربما لا يفهم منها شيئا ، فيخلط ..
ثانيها : الاعتدال والتوسط ، فلا تذكي مشاعر ابنك وتوقدها يوميا بضراوة ، فينشأ مندفعا مستعجلا ، يريد أن يعيد أمجاد الأمة بالتهور وقوة السلاح ..
هذه بعض الإشارات السريعة في كيفية التعامل مع جهاز التلفاز وتوظيفه في تنمية الثقافة الدينية ، وإلى وسائل أخرى والحلقة القادمة ابقوا معنا ..

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق