الجمعة، 27 أبريل 2012

فقير ولكن ! .. الحلقة الثانية

تحدثنا في الحلقة السابقة عن أنموذج لفتيات يعشن في أسرة فقيرة ، تدرع عائلها بالفقر ، وتذرعن هن به للعمل في محلات رجال ، مبذرات أموالهن هنا وهناك دون طائل للأسرة .. وحتى تكتمل الصورة ، نعرج بكم إلى عالم الشباب ، ولا تسل ما هو ..
لقد أصبح من العادي جدا أن ترى أسرة ترزح تحت وطأة الفقر ، لديها شاب يعمل في شركة كذا ، أو في قطاع كذا ، وثان بين الفراش و( البطانية ) ، وثالث أمام شاشة التلفاز ليل نهار ، أو يجوب الشوارع مع رفقائه ..
هؤلاء الثلاثة  زوايا مظلة الفقر ، ومن أكبر مشيديه حقيقة ..
أما الأول ، فيستلم راتبا ، ولو كان ليس بذلك الحجم الكبير ، ولكنه يحصل على ما يفيض كثيرا عن أساسياته ، ولكن أين الفائض يا ترى ؟
في هاتف نقال يتجاوز المائة ريال ربما يباع بعد شهرين بسبعين ريالا ، ليشترى آخر بمائة وخمسين ، أو سيارة تبدل كل بضعة أشهر بعد خسارة تربو على الخمسمائة أو الألف ريال !!
نعاله بخمسة عشر ، و( دشداشته ) بمثل ذلك ، وعطره بأكثر من ذلك ، ومثل ذلك وأكثر بكثير  للمقاهي والمشاوي شهريا ..
وتجده عندما يذكر أو يذكر له أسرته يتلوى شفقة وحزنا على حالها ، وهو لا في العير ولا في النفير ، لا ادخر ماله ليدخل في مشروع يحسن به دخله ، ويرتب به حياته ، ويتغلب به على صعوبات الزمان ، ويحقق شيئا من مطالب حياته كزواج وغيره ..
ولا هو أعان أسرته بشيء ..
فما بكاؤك عليها يا ترى ؟ ابك على نفسك وحرمانك ، فربما ستخرج بعد فترة من شركتك لسبب أو لأخر لتجد نفسك كسمكة سحب عنها الماء أو أخرجت منه ..
وأما الثاني فنام عقله عن التفكير السليم ، ونام جسده عن العمل القويم ، وليته نام فعلا ، إنما هو متقلب في فراش اليأس والقنوط ، والتذمر والتسخط ..
متمدد بين عيني والديه اللذين كانا يؤملان فيه ومنه خيرا ، يرسل لهما رسائل حزن يومية ، وصفعات هم تسود الدنيا في عينيهما ، فهو يطمس خيول أملهما بجهد جهيد ، ولو أنه لا يبذل جهدا البتة !!
أما الثالث ، و ناهيك عنه ، فهو فارس الشوارع والنوادي الليلية ، والمقاهي والمشاوي ، يضيف إلى هم أخيه همين جديدين ، هم القلق على أفعاله المريبة ، حيث لا يدرون في أي مصيبة وفضيحة  ومشكلة سيقع ويوقعهم معه ، وهم الاستنزاف الاقتصادي لفقير ينتظر من يعينه لا من يحلبه – إن صح التعبير - !!
صاحبنا الثاني والثالث ألسنتهما وأفئدتهما تلهج بالسب والشتم والتذمر من المؤسسات والمسؤولين والبطالة ..
ونحن لا ننكر وجود البطالة ، ولكن الكثيرين منا يصنع عجينة الفقر بيد ، ويخبزها باليد الأخرى ، ويطعمها أهله بإحدى رجليه رافسا تربيتهم بالرجل الباقية ..
نحن من نجعل أنفسنا فقراء ، وشبابنا مساهمين بشكل كبير في مسألة البطالة ، ولست طالبا لقمة على كلمتي هذه ، ولكنها الحقيقة المرة التي نتجاهلها ، لنسقطها على الحكومة والمسؤولين ، لتجد أنفسنا شيئا من الراحة ، ونجد ما ندافع به عن عبثنا ولهونا ..
إنني أحيي الشباب الذين يكسبون من عرق جبينهم ، ويدخرون ولو القليل ، ليفتتحوا به مشروعا ولو بسيطا ، يصاحب الأيام ، ويتنامى مع الشهور ، ليعانق سنين الراحة بمشيئة الله ..
أحيي الشاب الذي يدرك أنه لن يأتيه رزقه في فراشه ، إنما الرزق يطلب ويسعى له من أبوابه ،  والقطرات القليلة تصنع جدولا ..
أحيي الشاب الذي يعي مسؤوليته تجاه اسرته الفقيرة ، ومسؤوليته تجاه نفسه ومستقبلها ومتطلبات حياته ، وتجاه مجتمعه وما يتطلبه من خدمات فيسعى لتقديم شيء ، ولا يكتفي بالتذمر والتسخط وتلاوة اللعنات والشتائم على الآخرين ..
لنكن واقعيين ، ونبذر ثم نحرث ، والثمرة بيد الله بإذن الله ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق