الجمعة، 27 أبريل 2012

مراهقة متأخرة جدا ..

حول منبع ماء ، أو بالقرب من مسجد بعد صلاة ودعاء ..
أو في منزل أحدهم الذي شاخ معه ، أو أعاد الابن بناءه أو لمعه ..
تجدهم متحلقين ، حول سلة رطب أو حول لا شيء ..
كل متكئ على عصاه التي له فيها مآرب أخرى ..
همس وكلام ، وضحكات متتالية تعقبها قهقهات عنيفة ..
وأحيانا ..
ابتسامة بريئة براءة الطفولة أحيانا ..
حيث أكل الدهر الأضراس والأسنان سنا سنا ..
كما ركض بأصحابنا ، يخم بهم تجارب الزمان سنة بعد سنة ..
ويجرف بأرجلهم حشائش الصعاب عقدا إثر عقد ..
ابتسامة بين جنباتها عبق حرية التقاعد من العمل ..
وخبرة سنين لاكت بأضراسها قلب الرجل ، ومضغت فؤاده  وربما هذبت بعض طباعه تجارب وتجارب ..
ودار كأس الحديث ..
عن زمان الكد والتعب والنصب من أجل لقمة العيش ..
وبالتفاتة سريعة جدا ، عن زماننا وكسله وتثاؤب شبابه ..
وبنبرة العز والشموخ والرجولة ..
عن زمان كانت المرأة فيه تحرك بنظرة خاطفة من الرجل ..
أو تلميح قصير يؤدي الغرض وزيادة ..
جميل منظرهم المتآلف المتشابك ..
اقترب منهم ، وادخل بينهم ..
تتلقى وعلى الهواء مباشرة خبرات وتجارب من فم حنكته السنون ، وعلمه الدهر ما لم تتعلمه بعد ..
وماذا أيضا ؟
أما أيضا هذه ، فتحملها ..
فلربما تضطر إلى معاينة الوجوه مرة تلو الكرة ..
تجد الفك الخالي من الأضراس يحكي لك بتفاصيل دقيقة مغامرات جريئة جدا جدا أيام الشباب ، وحيل غريبة في الاصطياد ، ويحكي خبرات طويلة معه هذه وتلك !!
يحكي وبكل فخر واعتزاز ، بل وتأسف على رحيل تلك الأيام !!
وتعليق من هذا ، وتعقيب من ذاك حول تفاصيل القصة ..
آه ما أروع تلك الأيام ، وأنا فعلت كذا ، وقمت بكذا ، وكنت نعم الرجل ..
لالا تتعجب يا ولدي ..
فأنت في حلقة مراهقة متأخرة جدا ..
يحكي أحد القضاة يقول  : جاءني اليوم  ( شايب ) طاعن في السن ، يشكو زوجته ( الهندية ) التي تأبى أن تطاوعه أن يفعلها ست مرات في اليوم ، والقاضي يحاول الإصلاح بينهما أن لا يتجاوز الثلاث مرات يوميا !
أليست هذه نزغات مراهقة يا جماعة ؟!!
لربما كان هذا لديه طاقة زائدة ، فله حلاله  ما لنا وله ..
ولكن ما بال أؤلئك ؟؟ بالحرام يفاخرون ..
وبالجنس المحرم يتشهون وله يتمنون ..
هل هذا يقودنا إلى حقيقة أن بعض الناس تكون العشرين سنة الأخيرة من حياتهم كالعشرين سنة الأولى أو كالخمس الأخيرة من العشرين ؟!!
وهل لأنهم عاشوا على ذلك ويأبى الإلف والشيطان إلا أن يموتوا على ذلك ؟!!
لا عليك ..
ستجد في جعبتهم الكثير والكثير ، فحاول دوما الاستفادة منهم ..
وأنأى بنفسك عن سفاسف كلامهم ومزاحهم الغريب ..
حتى لا تبتلى بمراهقة الشيخوخة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق