الأحد، 22 أبريل 2012

الإيمان مورد الأمان

هل تبحث عن الأمن ؟
هل تود العيش في رحاب الأمان ؟
هل تسعى لحياة مطمئنة آمنة ؟
طبعا ..
إن عليك اللحاق بركب قوم ، كتب الله لهم الأمن الحقيقي ، وحصره فيهم ، ولا ينبئك مثل خبير : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن " ..
وإذا قال لك القرآن أؤلئك لهم كذا ، فإن غيرهم محروم منه لا محالة ، وإن بدا لك أو لغيرك خلاف ذلك ظاهرا ، فمن قال أن لهم ذلك دون غيرهم هو مالك مفاتيح القلوب وسعادتها ، والنفوس وبهجتها ، والحياة وخيراتها ، بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله ..
الإيمان والابتعاد عن الظلم مفتاحا غرفة الأمن والأمان ، فمن شاء الولوج فليستلم المفتاح من الآن ولا يتردد ، وسيجد حتما ما يريد ...
فكر معي جيدا :
حين تعزم على أن تكون إنسانا صالحا طيبا خلوقا مطيعا لله ، وتبدأ جديا في التفكير في أن تعيش في رحاب الإيمان أو تفكر في الإقدام على فعل خير أو استحداث عمل صالح في حياتك ، بماذا تحس وبمجرد التفكير والعزم ؟
بماذا تشعر لو قلت وبجدية : من غد سأحافظ على صلاة الفجر مع الجماعة ؟
( خلاص ) من هذه اللحظة لن أستمع إلى الأغاني ؟ لن أفعل المعصية الفلانية ؟ لن أصاحب فلانا ( صديق السوء ) ...
ألا تحس وكأنك كنت تسلك طريقا في ظلمة دهماء لا ترى فيها شيئا ، ولا تدري ما الذي سيفاجئك في ذلك الظلام الدامس ، فإذا بمصباح في يديك ينير لك الدرب على مد بصرك ؟؟!!
ذلك هو الشعور بالأمن والطمأنينة ..
والعكس بالعكس ، فعندما تعزم على معصية أو تفكر جديا في فعلها ، تجد في قلبك اضطرابا غريبا ، وتلجلجا في نفسك ، يشعرك بعدم الاستقرار وكأنك واقف على أرض هشة ستنهار بك في أي لحظة ، فتحس أنك خائف من شيء ما ، لكن ما هذا الشيء لا تعلم ،  إنما الشعور موجود وتحس به فعلا في قرارة نفسك ..
هذا عندما تعزم فقط على الفعل ولم تفعله بعد ، فكيف إذا فعلته ، بل كيف إذا برمجت كامل حياتك في السعي لمرضاة الله ، وعملت فعلا بمقتضى الإيمان ، وكنت وقافا عند أوامر الله ورسوله ؟
ستحيط بك – بلا شك – هالة من الأمان ، وتحس أنك تعيش فعلا في بلاد أمن وأرض طمأنينة ..
ولا عجب ولا غرابة ، فقد أطعت من يملك الأمن والأمان ، ومن يقدر على أن يجعلك تشعر بالأمان في الوقت الذي يقدر فيه على أن يصيرك غارقا في بحر من الخوف والقلق ، فسبحان ربك الكريم ..
هذا هو الإيمان أحد مفتاحي الأمان ، وعليك أن تدفع قسطين حتى تتسلم مفاتيح غرفة الأمن ، وتدخل عالم الأمان ..
أما الثاني أن لا تلبس إيمانك بالظلم ..
فالظلم ظلمات كما تعلم ، فكيف تبحث عن أمان بين ظلمات ؟!!
ألا ترى الصبي أول خوفه يخاف من الظلام ؟ لماذا ؟ لأنه لا يبصر ما فيه وما بداخله ..
وكذا الظالم – حاشاك – حين يدخل في الظلم ، فقد دخل في عالم ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد  يراها ، لذلك يكون بينه وبين الأمان هوة سحيقة حتى يترك الظلم ويعود فعليا إلى رحاب الإيمان الصادق غير المشوب ..
وهذا يشمل – بطبيعة الحال – ظلم النفس وظلم الغير ، وهو في ظلم الآخرين أبين وأوضح ، وأشد وأفظع ..
فالذي يظلم نفسه بالمعاصي إنما يجفو الأمان قلبه لأنه ابتعد به عن رب الأمن ومالك الأمان ، وهذه الجفوة بين قلب العبد وربه هي التي تشعره بالوحشة وقلة الأنس ، أما الذي يظلم الآخرين فإنه يضيف إلى جريمة ظلم النفس جريمة التعدي على الآخرين ..
فقلبه يتلجلج من عاقبة الظلم ، ومغبة فعلته التي فعلها ، يخشى سهام المظلومين أن تصيب ، ويخاف مما تخبئه له الأيام جزاء على ظلمه وتعديه ، لذلك فإن قلب الظالم تتناوشه مخاوف عدة من كل حدب وصوب ، فلا يشعر بالاستقرار الفعلي أبدا ..
إن مظلوما واحدا يدعو عليك في جنح الليل أو يترقب بك أن تحيق بك دائرة السوء ، ويتربص أن تتناوشك سهام الدهر ، كفيل بان يقض مضجعك ، ويحيل أمانك إلى ركام من ظلمات المخاوف ..
فكيف يسعد عيشا أو يهنأ نوما من يحمل في رقبته مظالم ومظالم قد يكون نسيها ولكن المظلومين لن ينسوها ، وبلا شك ربهم الذي أبى أن يجعل بين دعاءهم وبينه حجاب لن ينساها ..
فكم من أشكال الظلم وصوره تحدث في حياتنا اليومية ، وكأن الظلمة وهم يقترفونها يشربون ماء زلالا ، فكم من ولد ظلم أباه بعقوقه وعصيانه وتجبره عليه ن وكم والد ظلم ابناءه بالتقتير عليهم ، وعدم الالتفات لهم ، وقلة الاكتراث بتربيتهم ، وضعف العناية بمتطلبات حياتهم ،وقلة النظر إلى مشاكلهم ..
وكم من مسؤول ظلم موظفيه بعدم التسوية بينهم في المعاملة والأعطيات والهبات ..
وكم ملئت المحاكم من شكاوى الذين تجرعوا غصصا من ظلم الأقارب والجيران  قبل الأباعد ، و( الأحبة ) قبل الخصوم ..
وكم استغل الظلمة سذاجة بعض الناس أو قلة خبرتهم أو ضعفهم وقلة حيلتهم ، وضعف ناصرهم ، فأوقعوا عليهم من الظلم الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ..
كم من فتاة زوجت ظلما بطاعن في السن قد بلغ من العمر عتيا ، طمعا في ماله ، لأن أباها الظالم إنما تصورها آلة حرث يتكسب من وراءها ..
وكم من أنثى هضمت حقها من ميراث أبيها أو قريبا استغلالا لضعفها وقلة حيلتها ..
وكم وكم ، ولو حاولنا حصر صور الظلم في المجتمع لاحتجنا إلى مجلدات ، فليس هنا بمقام ذلك ، ولكن ذكرنا طرفا لننبه على الباقي ..
فحذار حذار من الظلم فإنه يرمي بك في واد من الوحشة سحيق ..
وصدق المولى حين قال : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أؤلئك لهم الأمن وهم مهتدون "

محمد بن سعيد المسقري
Almasqri1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق