الاثنين، 23 أبريل 2012

أنا ابن فلان

أنا ابن فلان ، وفلان الفلاني من أبناء عمي ، حيث ينتسب للجد الفلاني عريق النسب ، ونعم الرجل فلان فهو من أحفاد الإمام الفلاني ، ونحن لا نظلم فلانا فهو إنسان طيب ، ولو أنه (مولى ) !!!
هكذا ارتأى قلبه وضع ميزان حساس جدا ، شيدت كفتاه على أساس العنصرية والعصبية القبلية ، فهو يوزن الناس بقبائلهم وأجدادهم وانسابهم ، فالشريف من شرف نسبه ، والوضيع من وضع نسبه ، والصالح من انتمى للصالحين ، والبطل من انتسب لمغوار !!!
يلقلق لسانه دوما بذكر آباءه وأجداده وأنسابه ، إن وجد فيهم خيرا تشدق به ، وإلا عمد إلى جبروتهم وطغيانهم وتكبرهم ومعاصيهم فصاغ من ذلك نعم المفخرة ، فطالما سمعنا من يتفاخر بحيل جده في الزنا والسرقة بل القتل والظلم والقهر .. فسبحان الله !!!!
الطعن في أنساب الناس ، والتقليل من شأن نسبهم وعرقهم سلاح يشهره هذا الصنديد الأغر في وجه كل من حصل له معه سوء تفاهم ، أو تافه عداوة وخصام !!!
دوما يسعى لرفع أناس قبيلته في الوظائف والأعمال ، وينزل غيرهم ، وكأن الناس سوقة وعبيد ، وجماعته أو قبيلته هم فوارس المضمار !!!
يرشح أفراد قبيلته في أي انتخابات لجهة أو مؤسسة أو جماعة أو رئاسة مجموعة أو قيادة أشخاص في أي مهمة ، وإن كان من يرشحه ليس له أدنى رصيد أخلاقي أو ديني ، أو لا يدرك من أمور المهمة شيئا ، فتجده يستميت ويجاهد ويجالد من أجل فوزه وانتصاره !!!
لا أدري أهو الإفلاس في القيم التي يمكن لصاحبنا أن يعتز ويتفاخر بها فهو منها صفر اليدين   ؟ أم هو الخوف من الأمام يحدو به أن يرجع بصره دوما إلى الخلف ؟ أم هي حجة ضعيف وسلاح أعزل ؟
نعم الرجل أنت يا من تحيي سنن الجاهلية ، وتبعث نعراتها ، في زمن سباق التسلح وغريب الاكتشافات ورائع الاختراعات !!!
وأكرم بك من فتى ذكي خبر الأنساب ، وعرف القبائل ، وعرف معادن الناس ، وأصل عروقهم ومنابتهم ، وتشرف أساسهم ومنشأهم بأن يكون ميزانه الحساس ، فلتفخر بذلك ...
وتعال به على الناس ، فاحتقر المولى منهم ، وإن كان الله قد كرمه بتقواه وورعه ، وانقص من شأن ضعيف النسب ، واسخر منه وإن كان الله قد نهاك عن ذلك ، واضرب بميزان " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " عرض الحائط ، واحمل في منكبيك الميزان النسبي الدقيق ، وإن كان سيثقل عليك يوما ما ....
أيها المتعاظم بنسبه ...
معلومات ( بسيطة ) أقدمها لك ، ربما غفل عنها علمكم الغزير ، أو شغلكم عنها نسبكم العظيم ، مفادها أن الاهتمام بنعرات الجاهلية ، والتفاخر بالأنساب ، والتعاظم بالقبائل والأصول لا يعدو كونه أمرا مستهجنا لا يلتفت فيه من قبل غالب الطبقة المثقفة في المجتمع ، وهم يرون الخطوات المتسارعة في التقدم العلمي والثقافي والتكنلوجي والعسكري في العالم ، وسباق التسلح ومنافسة الأقران في التقدم والرقي ، وتراكض الأمم نحو السيطرة والرفعة ....
وان الشخص عريق النسب لا قيمة لنسبه ما لم يحمل قلبا إلى الخير والصلاح مسارعا ، وفي التقوى منافسا ، وفي طريق العلم والمعرفة مصابرا ومجالدا ، ورجلا إلى دروب الرشد سباقة ، وفي مواطن البذل والتضحية مرابطة ، ويدا في الإحسان تبذل ولا تمن ....
واعلم – هداك الله – أن أنسابك التي تتفاخر بها وتتعالى بها على أقرانك ، لا قيمة لها يوم لا ينفع مال ولا بنون ، كما قال ربك – سبحانه وتعالى : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " ...
أجل .... ثمة مقاييس أخرى ستوزن بها كما يوزن بها بقية عباد الله ، حيث تجرد من هذه الشعارات البراقة الزائفة ، وتسقط لواءاتك التي كنت قد رفعتها لتؤذي بها عباد الله ، الذين ربما يكونون أرفع درجة منك على عباد الله ، بل ربما كنت بجانب بعضهم قطرة في بحر ...
فابحث لنفسك عن قيم يكتب لك بها العز والسؤدد ، وابحث عن قيمة لنفسك ، تنسجها يداك ، بدل أن تمرغ لسانك لاحسا ذنوب الطعن في أنساب الناس والسخرية من أصولهم وعرقهم ، وأنزل تلك اللواءات والأعلام التي ترفعها افتخارا على عباد الله ....
واعلم جيدا أن جدك وأباك وقبيلتك لن ينفعوك في غد ....

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق