الجمعة، 27 أبريل 2012

كيف تربي طفلك تربية روحية ؟ الحلقة الثالثة

أهمية التربية الروحية

دعك ممن يربون أبناءهم كما يربون ( عجالهم ) ، تربية تسمين لا أكثر ، إن غضبوا على أبناءهم فللدنيا ، وإن رضيوا عنهم فلها ، إن اعتنوا بهم ببدنياهم ، وإن حضرت آخرتهم أهملوها كما أهملوا آخرة أنفسهم ..
هؤلاء لا يعون ما هي التربية الحقيقية ولا يدركون أهمية بناء ضمير الإنسان وروحه ، والتي يمكن إيجازها فيما يلي :
أولا : إن البناء الضميري هو المحرك الأول للسلوك الإنساني ، فمتى ما صلح ضميره من الداخل ، وقويت شوكة إيمانه بالله ويقينه به وإخلاصه له اتجه سلوكه الاتجاه الحسن ، فالمحرك اتجه به هذا الاتجاه ، كما تتجه أنت بسيارتك عن طريق المقود والكابح ..
أما عندما يغيب الضمير الحي ، فلا مقود يقود النفس ، ولا كابح يكبح جماحها ، عندها يتجه السلوك اتجاهات غريبة وعجيبة لا تتوقعها ، وقد يصطدم بما يحدث بعض الآباء الذين يظنون أنهم ربوا أبناءهم ، وما ربوهم حقيقة إلا تربية الجسد ، وتركوا ضمائرهم تهيم بحثا عمن تخلص له ، وأرواحهم تشقى في شهوات الدنيا وملذاتها ..
فعندما تعتني بابنك الاعتناء الروحي فإنك تنشئ بين جنبيه ضميرا حيا يقظا يقول له دائما وأبدا ، في وجودك وغيابك ، أمام الناس وخلفهم ، أمام أجهزة الأمن والشرطة والسلطات القضائية وخلفها : افعل ولا تفعل ..
هذا الضمير هو الذي سينوب عنك مستقبلا في التربية ، فهو نعم الأمين على سلوكيات ابنك ، فنم مطمئنا عندها دون أن تترقب دقة جرس من شرطي يستدعيك للمركز لأجل جريمة ارتكبها ابنك ، ودون أن تسهر عينيك مترقبا لابنك متى يأتي مترنحا سكرانا أو شبه سكران من سهراته التي لا تدري ما يفعل فيها ...
إن ضمير ابنك الحي الذي سهرت على تربيته فعلا هو الذي سيأمره ببرك والإحسان إليك ، وهو الذي سيقول له : إياك وعقوق الوالدين ، وحين ترى من الآباء من يتلو أسمى آيات اللعن على اللحظة التي أنجب فيها ولده العاق - وما أكثرهم – تدرك عندها أنك حققت إنجازا حقيقيا ..
ثانيا : إنك حين تربي ولدك التربية الروحية فإنك تصنع بطلا في الوقت الذي يسمن فيه غيرك عجلا ..
فالبطولة شيء ينبع من الداخل ، والقوة الحقيقية إنما هي قوة العزيمة وقوة الروح ، فقد يكون لدى ابن جارك قوة الثور أو البغل ، ولكن عند ابنك قوة ضمير مملوء بالإخلاص لله والولاء له واليقين به والتوكل عليه ، وشتان بين القوتين ..
فالأولى تخونه في أحوج ما يكون إليها ، عند الشهوات والملذات ، لا يجد ما يردعه ولا من يمنعه ، ويصرع في أبسط جولات التقاتل حول موائد الشهوات ، بينما ابنك دائما قوي بالله لا تزعزعه الزعازع ، ولا يتبع كل داع وناعق ..
ثالثا : عندما تشح منابع التربية الجسدية لفقر أو نحوه ، فلا تستطيع أن توفر كل ما يحتاجه أبناءك من أمورهم الدنيوية فإن بناء ضمائرهم كفيل بأن يعوض النقص ، ويجعلهم يعيشون في سعادة وهناء ، حيث إيمانهم بأن السعادة في الروح ، والغنى في النفس ، والقوة في الضمير ..
بينما عند انعدام التربية الروحية ، لا تقف مطالب الجسد عند حد ، فمهما توفرت هذه طلبت النفس تلك ، وإن توفرت الأخرى تطلعت للثالثة وهكذا ..
ما أعنيه أن التربية الروحية تسد خلل التربية الجسدية متى ما ساءت الظروف المادية ، واحلولكت الحياة ، بينما التربية الجسدية غير قادرة على حمل أعباءها فضلا عن أن تكفل حاجة غيرها ، فمتى غاب الضمير فلا عوض عنه يا أبي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق