الجمعة، 27 أبريل 2012

كيف تربي طفلك تربية روحية ؟ الحلقة الثانية

جوهر الفرق بين التربية الجسدية والتربية الروحية

مما لا شك فيه أن التربية الجسدية مطلوبة ، وكما يقال العقل السليم في الجسم السليم ، وقد اعتنى الإسلام بالتربية الجسدية ، من خلال حثه على النظافة ، وتشجيعه على ممارسة مختلف الرياضات البدنية التي لا تتعارض وأحكام الدين ، وما قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير " ، وغيره من الأحاديث التي تحث على رعاية الجسد  إلا دليلا على اعتناء الإسلام بهذا الجانب من التربية ، حيث إن قوة الجسد فتيل حركة الإنسان ، ومنبع نشاطه ..
ولكن ما نعاتب عليه بعض آباءنا هو ذلك الاهتمام الزائد بالتربية البدنية ، وإغفال الجانب الروحي ، جهلا أو تجاهلا أو ظنا أنه ليس من الأهمية بمكان ، حتى يطغى الاهتمام البدني على الاهتمامات الضميرية والروحية ، حتى تكاد تجزم أنه لا فرق بين تربية الأولاد في بعض الأسر وتربية المواشي – أكرمكم الله وأكرم أبناءكم - ..
إنني أعلم أن بعض الآباء سيقفز إلى السقف نخوة واستغرابا وإباء ، كيف يتهم الأب الحنون المربي المشفق بأنه يربي أبناءه تربية عجال وغنم ؟!!
ولكن الحقيقة المرة تثبت ذلك ..
فعندما يذهب الرجل للصلاة ، ولا يفكر قط باصطحاب ابنه الذي بلغ تسع أو عشر سنوات للمسجد ، بل يعود من المسجد ولا يفكر أن يسأل أبناءه من صلى ومن لم يصل ، وإن فعل من باب العادة لا العبادة لم يكترث بتكاسل بعضهم عنها أو إهمالها ، بينما إن تأخر أحدهم طرفة عين عن موعد حافلة المدرسة أرعد وأبرق ، وكال عليه من السباب والشتائم ما الله به عليم ، تدرك عندها أن وظيفة الطفل المستقبلية وحصوله على راتب محترم بعد إكمال دراسته أهم كثيرا من صلاته !!
وحين يكون العبث في الصلاة وارتداء أوسخ الملابس لها أمرا عاديا جدا عند بعض الآباء بينما إن فعل أي حركة أمام الضيوف أو ارتدى ثوبا به نقطة وسخ واحدة وبخ وعنف ، تعلم حينها أن رضا الناس والاهتمام بالمظاهر أهم من الناحية الدينية برمتها !!
وعندما يطلب الطفل لعبة يؤتى له بلعبتين ، وإن طلب كتابا مفيدا نهره أبوه ، وبدأ يعد قيمته أمام ابنه بيسة بيسة  ، ولسان حاله يقول : أتظنني مجنونا ( أخسر ) ريالا من أجل هذه ( التفاهات ) حتى تجد البيت فارغا حتى من وجود المصحف الشريف ، مملوءا بأنواع وأنواع من اللعب ..
، حينها تعي أن اللعب واللهو أهم من القراءة والعلم ..
ومثل ذلك كثير ..
فما نعنيه هنا إنما هو الانكباب على الناحية الدنيوية انكبابا يقضي بإقصاء التربية الروحية التي هي مدار حياة الإنسان ، وأهم ما يهديه الوالد لولده ، بل هي التربية الحقيقية التي سنبين أهميتها في الحلقة القادمة بإذن المولى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق