الاثنين، 23 أبريل 2012

الغضوب

اعتاد الجميع رؤية ذلكم الجبين المقطب ، والوجه العابس المظلم ....
وكأن جبينه التوى حين نزوله المبارك من رحم أمه ، فأحدث فيه تلك الانقباضات التي تلازمه كل حين وفي أي موضع ينزل فيه ، أو ربما حدث ذلك جراء انقباضات الرحم حال دفعه للخارج !!!
أما الظلمة البادية على الوجه ( الكريم ) فلا إخالها إلا نتيجة لرحيل طيور الفرحة والابتسامة عن ذلكم الوجه ، وهجرتها إلى وجوه أكثر إشراقا ، وفهما لمعنى الحياة السعيدة ، وفنون التعامل !!!
ذلكم حاله ...
فلا يرى إلا عابسا مقطبا جبينه لكل من يلقاه ، صديقا أم عدوا ، قريبا أم بعيدا ، قابلته بمثل ذلك أو بصورة مغايرة مخالفة تماما ، فهكذا اعتاد وجهه أن يرتسم ، وأصبح له عادة كما اعتاد الناس البشاشة والتبسم في وجه الآخرين !!!
عيناه كأنهما جمرتان يحملان من الحقد والحنق الشيء الكثير ، فهما أشبه ببركان يحاول جاهدا أن ينفجر قبل موعده ، أو قل بركان دائم !!!
كم عانى أبناؤه وأهله من صراخه الذي لا ينقطع في وجوههم مهددا ومتوعدا ومنددا ، وغاضبا لأبسط المواقف التي قد تمر على آخرين دون أن يحركوا فيها ساكنا ، ولا مجال لاعتذار أو إبداء أسف أو شرح حالة أو ظروف أو علل ، فكل ذلك يزيد النار حطبا ، والغضب استعارا !!!
قلما يسلم على أحد ، وإن فعل فبتثاقل وبفم مغلق تماما إلا من ثقب صغير يسمح بخروج تلك الحروف الباردة ، كيلا يضطر للابتسامة أو يظن أنه فعلها أو فكر فيها !!!

يا هذا ...
لقد أرعدت وأبرقت وزمجرت وزلزلت وانفجرت وزئرت وزفرت بعمق بعد شهيق أعمق ، وأحدثت ما أحدثت مرارا وتكرارا ، ليلا ونهارا ، وغدوا ورواحا ، عند الأهل وكل خل ، فبالله عليك ما جنيت ، وما قطفت ؟؟!!!
جنيت حرق الأعصاب ، وانتفاخ الأوداج ، وسرعة ضربات القلب ، وربما أمراض يكل الطب عنها ، ويعجز عنها خبراؤه وعلماؤه !!!
أقلقت الزوجة ، وأخفت الولد ، ووترت أعصاب الزميل ، وتحاشاك الصديق والرفيق ، وعدل عن مؤاخاتك العديل !!!
أنظر إلى نفسك في المرآة في تلك الحالة الغاضبة التي تزمجر فيها وتهدد وتتوعد .... ماذا ترى يا ترى ؟؟
وجه مكفهر قبيح يشع ظلاما - إن كان للظلمة إشعاع - ، قد رسم التقطيب فيه لوحة فنية تصلح للعرض في متاحف الصور النادرة في قسم : غير قابل للعرض !!!
خالفت قول الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – " لا تغضب " دوما وأبدا ، بل ارتأيت مخالفته صفة دائمة لا تفارقك ، فهل وجدت في خلاف سنته الطاهرة سعادة وهناء ؟؟!!
هل جنيت من الترفع عنها شهدا وعسلا ؟!!
أم ويلات نفسية وقلبية وفكرية وصحية ؟؟!!!
وخالفت فطرتك التي فطر الله الناس عليها ، من حب للابتسامة ....
فلا أنت بالسلوك الحسن ، ولا بالمظهر الجميل ، ولا بالحب الأسري ، ولا القبول الاجتماعي ، فأين تريد ؟

مني نصيحة لوجه الله ....
استقبل الحياة بابتسامة وتفاؤل ووجه مشرق ، واجعل الابتسامة عنوانا تخطه على وجهك ، يسعد من حولك ، ويقربك لمن يحيطون بك ، وتكسب به القريب والبعيد ، فالابتسامة سحر حلال ، وبلسم أحزان لك ولغيرك !!!
وتغلب على نفسك الغضوبة بالتفكير الجاد المثمر في عواقب الغضب ، وتفاهة ما تغضب عليه ، ووفر غضبك لله وفي الله ، ففي ذلك حسن الغضب ...
وتعامل بوجه أكثر إشراقا ،وابتسم تبتسم لك الحياة ....

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail,com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق