الاثنين، 23 أبريل 2012

الشاب الصفر

عجب يأخذك من حال كثير من الشباب ، يعيشون في دائرة ضيقة جدا
وكأنهم لا يريدون أن يكلفوا أنفسهم النظر إلى ما خلف تلك الدائرة ..
يحيا الواحد منهم متمركزا حول ذاته ، في جعبته الكثير في فنون خدمة الذات ، وعبادة المصلحة الشخصية ،غير أنه رفع يديه عن كل ما يخدم المجتمع ، ويرقى بالأمة .....
ابن عاق للمجتمع ، الذي كان يعقد عليه عظيم الآمال ، ورائع الغايات ، ويرجو من تحت يديه منجزات طالما حلم بها ، وتطلع إليها بقلب مشتاق شوق العاشق للحبيب ، ولهفة الظمآن لماء الفرات .....
أنكر تربيته ، وعق أبوته ، بعد أن جهل نسبه ، ونسي أنه جزء لا يتجزأ من هذا الجسد ، الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ....
لم ير منه محتاج خيرا ، كأنه كتب على جبهته : غير قابل للإحسان !!!
لم ير عرضا ، ولا جوهرا ، في مشروع اجتماعي ...
يمشي بين الناس ، وكأنه نازل من كوكب آخر ، غير كوكبهم ، لا يعرف أحدا منهم ، استخسر السلام بعد أن استخسر الإحسان ...
يخطو في المدينة بخطوات قلقة ، مطلقا نظراته المرتابة ، المتطلعة لقراءة ما في الوجوه ، التي كتب عليها مجلدات من الشجب والاستنكار ، وأخذها العجب العجاب من تلك الحالة ....
مولدات الطاقة لديه لا تعمل إلا في مصانع الأنانية ، ومختبرات سوء الظن ، بكافة شرائح المجتمع .
خلية ميتة في الأمة ، لا تنفع ، ولا تستنفع ، لا تحس ولا تتألم ، ابتلي بها الجسد المكلوم ..
تصد هجمات مدافع نصائح الخلايا المجاورة بطبقة سميكة من قسوة قلب ،وموت ضمير ..
ذلك هو الجزء الحي منها ..
غطت عينيها خوفا من مشاهدة الطعنات المتتالية لخلايا الجسد الذي أنهكته الجراح .. ولو أن الميت لا يرى !!
أغلقت أذنيها عن سماع صراخ المظلومين ، بقطنة من حب الشهوات الذاتية ..... ولو أن الميت لا يسمع !!
أجهزت على جميع الجزيئات المريضة منها ، حتى تضمن قتل كل أمل بإحساس رقيق أو شعور حان ..
تعيش بعيدا عن المجتمع ، لا هي في شغل ديني فتهنأ ، ولا اجتماعي فتوقر ، ولا اقتصادي ( فتحسد ) ، ولا هي مريضة عاجزة فتعذر !!!
غريبة في لباس مواطن ، وموجودة في عداد المفقودين ، بل والله إن البعض تقرأ على عيون المجتمع حين يمرون عبارة واضحة : لعدم هذا خير من وجوده !!!
لسان حالها يقول : لا أرى .... لا أسمع .... لن أتكلم .... لا شأن لكم بي .
تلكم أيها الإخوة حالة شريحة من الشباب فضلت العيش في حلقة مفرغة صورت لهم أنفسهم المريضة أن فيها صنوف الراحة ، وفرش عليها بساط السعادة ، فهي تدور في تلك الحلقة كما يدور الحمار حول الرحى ، لا تعلم شيئا عن أحوال المجتمع ومستجدات قضاياه ، ومشاكله وآماله وآلامه ، ولا تعي معنا لأفراحه وأتراحه ، فضلا عن السعي في الإصلاح وسد الخلل ، وبذل أقل الجهد في حل المشاكل ، أومحاولات بسيطة في تحقيق بعض ما يصبو إليه المجتمع ، فياللعجب بل ياللعار !!!!
هل أعجبك أيها المسكين حالك وأنت تفرك قدميك في نقطة واحدة ، وقد ملتها الأرض التي تحتها ؟ ألا ترى أسرتك ومجتمعك وأمتك وقد بحت أصواتها تستغيث بك وأمثالك أن تنظر إليها نظرة تأمل وتفكر في أحوالها ، فتسحب قدميك قليلا في بعض الإصلاحات التي تسطيعها ؟ أما ترى أن ( الأوكسجين ) الذي ظلت تستنشقه في دائرتك ( الواسعة ) بدأ ينفد ، وأيامك تعدو وتركض ، مصرة على أن تجرك رغما عنك إلى عالم آخر ، تعلم فيه ما جهلته في دائرتك ( السعيدة ) ؟؟!!!
فانطلق أخي ... وشمر ... وجاهد نفسك ... واكتشف آفاقا واسعة من السعادة والراحة في ظل خدمة الأمة ، قبل أن تشرق بكؤوس الحرمان من أبسط مرتكزات الراحة والسعد ...

محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق