الأحد، 22 أبريل 2012

قد أفلح من زكاها

قلب صفحات الكتاب العزيز ، وانظر إلى ما أقسم الله به ، وما أقسم عليه ..
تجده سبحانه لا يقسم إلا بشيء فيه عظمة من نوع معين ، ولا يقسم على شيء إلا وله أهمية كبرى ..
وفي إحدى سور الجزء الأخير من هذا الدستور العظيم ، تجد ( جيشا ) من أشياء أقسم الله بها على شيء قد لا يلتفت له الكثيرون من طلاب العلم والهدى فضلا عن غيرهم ..
أحد عشر قسما في سورة ( الشمس ) تتوالى وتتلاحق لتقرر حقيقة كبرى بلا شك ، وإلا ما اجتمعت بهذه الكثافة ، فما يريد المولى – عز وجل وحاشاه – أن يكثر الكلام ، ويطيل من غير طائل في المقام ، إنما كل كلمة – بل كل حرف - في كتاب الله تعالى مقصودة معنية ..
ما هذه الحقيقة يا ترى ؟؟
" قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " ..
الله أكبر ..
قد حرف تحقيق عند اللغويين وقد اقترن بفعل ماض ، ليكون ما بعده من المسلمات التي قررها أصدق كتاب على وجه الأرض ..
إذن فمن حكم عليه بالفلاح هنا هو من الفالحين بلا شك ـ ومن حكم عليه بالخيبة فلا إخاله فالحا ولو استظهر بالثقلين ..
إنها النفس البشرية يا صاح ، تلك النفس التي قد لا نلتفت لها، أنظر كيف رفع الله – عز وجل – أمر تزكيتها وتطهيرها من أدرانها ، وكيف علق الخيبة – ويا خيبة – من يحكم القرآن بخيبته – على من أهمل تزكية نفسه واعتنى بالقشور والمظاهر ..
كم ترى من المتعلمين الذي يسعون لطلب العلم يهتمون بقشور العلم وظاهره - وجزاهم الله خيرا على حرصهم – ولكنهم عن الالتفات لعلم النفس وغوائلها وأدواءها بعيدون ، وهذا من تلبيس الشيطان عليهم ..
قد يتعلمون الكثير من المسائل ، حتى يطبقوا أدق ما فيها ، ولكن بعدم التفاتهم إلى النفس وجهلهم بغوائلها قد يهدمون علمهم وأعمالهم في طرفة عين !!
وكم من العاملين الذين يصومون النهار ويقومون الليل لا يعرفون ما الرياء داء ودواء ، وما العجب علة وشفاء قد لا يزن أعمالهم عند الله جناح بعوضة حين يهدمونها بعدم تطبيق ذلك ، وما عمل بلا علم ؟!!
كم عامل أسره ما عملا ** حتى رجحا به المقام الأكملا
وهو به مستوجب للسخط ** وظنه الصلاح عين الغلط
ورب قدوة به قد يهتدى ** من ظلمة الليل البهيم والردى
يظن أنه الهدى ولو نظر ** ما كان مكتوبا عليه لجأر
فلنتلفت إلى هذه النفس فصلاحها صلاحنا ، وفسادها عين فسادنا ..

محمد بن سعيد المسقري
Almasqri1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق