الأحد، 22 أبريل 2012

للأجل وقت معلوم

طالما طالعتنا إحصائيات الشرطة بتقارير مخيفة عن الحوادث وأضرارها ، وقد أودت الحوادث هذا الشهر بحياة كذا من المواطنين ، وكذا من المقيمين ..
وكم سمعنا بحادث وقع في الطريق الفلاني ، وذهب ضحيته فلان وفلان ..
وكم سمعنا عن تحطم طائرة لقي كل من فيها حتفهم فورا ..
فهل معنى هذا أن لا نركب سيارة ولا طائرة ؟ ولا نسلك دربا ولا نمشي طريقا ؟!!
وهل معنى هذا أن نعيش في قلق وخوف من أن يقع علينا حادث سير ، فنموت على أثره ؟
كلا ..
طالما سمعنا الناس تعلق على الحوادث بعبارات تعزو الموت إلى ذلك الطريق أو تلك الساعة :
هداه الله ما الذي أخرجه في هذه الساعة ؟
 أصلحه الله لم سلك هذا الطريق ولم يسلك الطريق الآخر ؟
قلنا لك أكثر من مرة أن تذهب مع فلان عصرا للعمل ، ولا تذهب صباحا !!
فالأجل لا علاقة له بسيارة ولا طيارة ، إنما هي لحظة كتبها الله عليك ، يهجم عليك فيها ملك الموت ينتزع روحك في أي حال كنت ، ماشيا أم راكبا ، قائما أم قاعدا ، مريضا أم سقيما ، نائما أم مستيقظا ، لا ترتبط بحدث معين ولا يستدل بها بدليل ..
فكم من الناس الذين يخيطون الشوارع بسيارتهم كما يخاط الثوب ، كأصحاب سيارات الأجرة ، ويتخطى ملك الموت كل تلك الساعات التي يقضونها في سياراتهم ليأخذ أرواحهم وهم على فرشهم نائمين أو وهم بين اهلهم وذويهم قاعدين ، أو إثر مرض على ألأسرة البيضاء ممددين ..
وكم من مقاتل خاض حروبا كثيرة لا تحصى ولا تعد ، يموت في غير أرض معركة ، كما حدث عند البطل المغوار خالد بن الوليد ، عندما مرض مرض موته قال قولته المشهورة : ليس في جسمي موضع إلا به ضربة سيف أو طعنة رمح ، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء ..
إن الجبن لا يؤخر ألأجل ، كما لا تعجله الشجاعة والإقدام ، بل على العكس ، فالجبان يموت كل يوم مئة مرة بينما لا يموت الشجاع إلا موتته الوحيدة حين وصول أجله ، وتصرم لحظات حياته ..
فمن الخطأ الجسيم أن نربط الموت بالأحداث ، قد يكون هناك سبب مباشر للموت كمرض أو حادث ، ولكن ما يدرينا عنه ؟ وكيف نكتشف ذلك ؟
إن ذلك مما استأثر بعلمه العليم الخبير ، فما علينا إلا أن نتوكل على الله ..
ولا يعني ذلك أن يلقي الإنسان نفسه إلى التهلكة بحجة أنه لن يموت قبل أجله ، ولكن عليه أن يقي نفسه الشرور والمخاطر ، ويعمل بألأسباب ، ويأخذ احتياطاته ثم بعدها يتوكل على الله ، ومتى ما أصابه مكروه فإن كاتبه لا محالة هو الله ، ومتى وافته المنية فإن رزقه نفد ، وأجله – لا محالة – قد وصل كما حدده الله ..
" فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ..
من المستحيلات المسلم بها أن يتقدم أجلك لحظة أو يتقدم لحظة ..
فتوكل على الله ..

محمد بن سعيد المسقري
Almasqri1@hotmail.com
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق