الأحد، 22 أبريل 2012

قول معروف ومغفرة .... لماذا المغفرة ؟

آلمه الفقر .. اشتدت عليه الفاقة ..
آذاه الدهر بمنشار الحاجة والعوز ..
لا هو بقادر على  العمل فيعمل.. ولا مستطيع لدفع تكاليف المعيشة..
حاول كتم فقره ، وإظهار التعفف والغنى، ليكون من الذين قال الله فيهم : " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا "
فلم يلتفت إليه الأغنياء وذوي السعة ..
فلجأ إلى المسألة، وما أدراك ما هي ..
اختلطت عليه الحاجة الشديدة مع الجهل فأغلظ القول في سؤاله، واتهم الغني بالغرور والتعالي بماله، وكنزه عن أمثاله ..
فهل يرد عليه الغني الإساءة القولية بمثلها ، مع إعطاءه حقه المالي ؟
كلا ..
فلربما أخطأ بسؤاله .. وقد لا يكون معذورا في قبح مقاله ..
ولكن يبقى له حق خلقي عند أخيه الغني بجانب حقه المالي ..
إنها المغفرة .. .. فلا تظنن أن حاله يسوغ لك نهره أو زجره أو التكبر عليه ..  بل عليك أن تغفر فحسب .
تأمل معي قول الحق تبارك وتعالى : " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم "
فإن كان لينا طيبا فإن القول المعروف يناسب طيبه ولينه، وإن جهل وتعدى فإن مغفرتك تتناسب مع المقام ..
فلا يريد الإسلام صدقة تلحق بأذى وفضاضة ، ولا يريد ان يزاد الفقير فوق فقره غلظة وجفاء ..
بل يريد مجتمعا يرتقي فوق الضغائن والأحقاد، ويترفع عن كل ما يكدر الخاطر الاجتماعي ..
 فسبحان الله .. كلمة في موضعها لا تقوم مقامها عبارات كثر
ألا ترى كيف ذيلت الآية بقوله تعالى : " والله غني حليم " ، غني عن صدفة يشوبها الأذى، وحليم يوجه المسلمين للتعامل بخلق الحلم والعفو .
..
فالله مستغن عن مالك حين تكفه عن الفقراء ولم يأمرك لحاجة منه تعالى عن ذلك، وهو الحليم الذي يريد لك أن تتخلق بهذا الخلق العظيم، فلا يستفزنك غلظ القول، ولا تبيع أخلاقك بثمن بخس لمجرد أن أغلظ لك القول سائل فقير.
إن القول المعروف والمغفرة وإن لم يصاحبهما العطاء فإن فيهما تسلية للمحتاج وتسرية، بينما المن والأذى لا يضيفان إلى البخل إلا قبحا في قبحه، وغما للفقير فوق غمه.
يا له من دين .. دستور متكامل نحتاج فقط أن نجعل أخلاقه ثوبا يزين حياتنا الاجتماعية، ونورا تضيء به إنسانيتنا .
فإن لم نشعر بما يشعرون به .. فلنغفر لهم على الأقل ..



محمد بن سعيد المسقري
Mq99@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق