الجمعة، 27 أبريل 2012

وقفات مع فتيات المحلات .. الحلقة الثانية

تعلم – أيها القارئ الكريم – أن جريمة بيع الفتيات في محلات روادهن من الذكور ، معصية قامت من ثلاثة شركاء ، الفتاة وولي أمرها وصاحب المحل ..
وقد تحدثنا في الحلقة الماضية عن جريمة الفتاة ، وننتقل بكم الآن إلى الشريك الثاني في الجريمة ..
أحس أن يدي تهتز خجلا من الحديث عن ذلكم الأشمط أو صاحب الشيبة الذي يدفع أو يسمح على الأقل لابنته أن تعمل في محلات كهذه ، غير أني أزول قناع الخجل عندما نعلم أن أمثال هؤلاء لم يحترموا أنفسهم ليفرضوا الاحترام لها من قبل الآخرين ..
وإلا فكيف يتجرأ أب يؤمن بالله واليوم الآخر أن يزج بابنته في محل يدخل عليها فيه عشرات الشباب وهم تشتعل غريزتهم بين جنبيهم ؟!!
أما يعلم أنه بذلك يقود ابنته إلى الفاحشة والمعصية قودا ؟!!
أم أن مصطلح الفاحشة يقاصر على الزنى الصريح – والعياذ بالله – عند بعض الناس ؟؟!!
أما يدري هذا الوالد الكريم أنه بذلك أصبح في قائمة الديوثين ، ويحرم بذلك نفسه من الجنة ، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - : " لا يدخل ديوث الجنة " والديوث  هو الذي لا يغار على أهله ...
كما أن الله – تعالى – يقول  : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .. " ، فوجب على الإنسان وقاية أهله من حر السعير ما استطاع إلى ذلك سبيلا بكافة وسائل النصح والإرشاد المستطاعة ، لا أن يقذف بهم متعمدا في الطريق التي أمره الله أن يقيهم منها ..
هذا وقد جعل الشرع الحنيف تزويج البنت من غير الكفؤ قطع رحم منها ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم - : من زوج ابنته من غير كفؤ فقد قطع رحمه منها " ، فكيف بمن يزج بها وسط عشرات الأجانب سلعة بين السلع ؟!!!
لقد مر على العماني زمان يخجل فيه أن تظهر ابنته ذات الثمانية أو العشرة أعوام أمام الضيوف ، أو تدخل مجلس الرجال عليهم ، فأصبح هؤلاء يبيعون بناتهم جهارا نهارا من أجل ستين أو سبعين ريالا !!!
فأين الغيرة والحمية ؟؟!!
أين النخوة والدم ؟؟!!!
أين الحياء والدين ؟؟!!
أكلها أصبحت مجرد شعارات تتهاوى عندما تلوح الستين أمام ناظري الوالد الكريم ؟؟!!!
ليعلم هؤلاء أنهم شركاء في هذه المعصية شراكة أصلية ، ولهم نصيب وافر من السيئات والذنوب التي تحدث هناك ، فكل سيئة تحصدها فتاتهم في محلها لها نسخة ومباشرة في صحيفة أعمالهم ، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم .
إن الأب العاقل الحصيف ينأى بابنته أن تكون منظرا مسليا لكل ناظر ، ومحلا جاهزا لقضاء غريزة من شاء ، فإن من واجبات مربي الفتاة صيانتها وحمايتها من المتلصصين وزائغي النظرات والخطرات ...
ثم ليعلم مثل هذا الوالد أنه إن كان فقيرا – وما أقل من يفعل ذلك عن صدق حاجة واضطرار -  ودفعه فقره إلى مثل هذا الأسلوب – أن ما يفعل ليس حلا لمشكلته ، فهو يزيد نفسه فقرا فوق فقرها ، بأن اختار المعصية وسيلة لذلك ، ولا أعتقد أن سبل الاستثمار والادخار والاقتصاد ضاقت عليه لدرجة أصبح يضحي بعدها بعرض ابنته وعفتها ...
ليبحث لابنته – إن كان لا محالة فاعلا – عن محل خاص ببنات جنسها تأخذ فيه راحتها بعيدا عن أنظار الشباب ، وعيونهم الجريئة الضامئة إلى التملي في فتن الأنوثة ...
وليدخر ولو القليل القليل من المال ليستفيد منه في مشروع بسيط يحسن به دخل أسرته ، وليدفع بأولاده الذكور للعمل ، وليشجعهم بحزم على ذلك ،  وقبل ذلك كله عليه أن يعلم أن الغنى غنى النفس ، فيتسلح بالقناعة ، ويدرع بالرضا بما قسم الله ، بدل التكاثر والتنافس بهذه الوسائل المشبوهة ، والسباحة في وديان عكرة من أجل الحصول على الغنى والثراء ...
وهنا نقطة من الأهمية بمكان  أحب أن أنوه عليها وهي أن كثيرا من الأولياء يعتقدون أن بناتهم ملائكة في مسلاخ بشر ، وكأنهن لا يحملن غرائز وطبائع وعواطف بنات البشر ، فإذا نصح عن مثل هذا العمل ، وحذر من الفساد والفتنة التي ستتعرض له ابنته ، أخذته العزة بالإثم ، وقام يلوح بفضائل ابنته وعفتها ، ويردد الاسطوانه المشروخة التي بليت من سوء الاستعمال : أن الفتاة المحترمة لا يستطيع أحد التعدي عليها ولو عملت بين مئات الرجال !!!
ولا أظن أن بنات هؤلاء أكثر احتراما وعفة من أمهات المؤمنين – رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن ، أو أن الشباب الداخلين عليهن أنقى أفئدة وأصفى قلوبا من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم ورضي عن أصحابه الكرام الطاهرين - ، والذين قال الله فيهم : " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب " ...
أما بالنسبة للشريك الثالث في الجريمة ، وهم أصحاب المحلات الذين جرأتهم أنفسهم على حدود الله تعالى ، فجعلوا من فتيات المجتمع وسيلة للوصول إلى المال ،  ولم يبالوا من أين أتى المكسب ، من حل أو حرام ، فليعلموا أن مكسبهم حرام حرام حرام ، وليعلموا كذلك أنهم شركاء في كل معصية تحصل هناك ، مهما صغرت في أعينهم ، أو غرهم جهلهم بها فتصوروها سهلة يسيرة ، ولهم نسخة من الذنوب في صحيفتهم لا ينقص ذلك من أوزار الفتيات ومن دفعهن شيئا ...
إن الذي يبلغ به الطمع أن يرضى أن يعرض بنات المسلمين في محلات الرجال سلعة من السلع لا ربح الله تجارته ، وليعلم أن ما يحصل  عليه من ربح مادي ، لا يوازي بأي حال من الأحوال شؤم جريرته وفتنتها وآثارها على مستوى الفرد والجماعة ...
وليعلم أنه ممن يشيع الفاحشة والرذيلة في المجتمع ، ويساهم في ذلك بشكل أو بآخر ، وفي ذلك من الخيانة الاجتماعية بعد الخيانة الدينية ما فيه ، فليتق الله هؤلاء ...
وإلى التأصيل الشرعي للقضية والحلقة الثالثة فكونوا معنا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق