الاثنين، 23 أبريل 2012

اللص المحترم

تولى شيئا من أمر بلاده ، بأية طريقة كانت فما عن الطريقة أتحدث ، ومهما كان حجمه فهذه الأعراض لا تلبث ، كل ما يعنينا أن صاحبنا ولي منصبا كبيرا نوعا ما ، فأمكن ظهره في كرسي الوظيفة ، وقبض على رجلي الكرسي برجلين تكادان تدخلان فيهما !!!
قد يكون مسلما شهد الشهادتين غير أن ذلك خارج حدود الوظيفة ، فذلك ما تطلبه منه العلمانية ، وقد يعرف الأمانة والصدق غير أن تطبيقهما صعب للغاية في زمن الماديات ووزن الرجال بالمال ....
غر صاحبنا ذلكم الكرسي ( المنمق ) تحته ، كما غره تقدير الناس الذين هم مضطرون أيما اضطرار إلى تقديره ، فقد يكون على باب مورد من موارد رزقهم ، أو على رأس جهة لهم فيها عظيم المصالح وبالغ الحاجات ....
إنها ليست قصة من نسج الخيال ، أو سجعا نتسلى به عند الملال ، بل هو واقع بعض الموظفين الذين ولاهم الله شيئا من أمر المسلمين ، صغيرا كان أو كبيرا ، فما رعى ما ائتمنه الله حق رعايته ، فقادهم إبليس بخطام شهواتهم ، وسحبهم على أنوفهم التي بها قوة شم الكلاب في الشهوات ، ويعللها الزكام الشديد عند روائح الخير والهدى ، وغطى على أعينهم فلا ترى إلا المال والجاه ، وأمسك بلجام قلوبهم فلا تعي إلا لهجة المادة ولغة الأرقام ، قد سكروا بحب الدنيا حتى الثمالة ، فغشيهم من اليم ما غشيهم وأضل فرعون قومه وما هدى ....
هؤلاء مجرمون في ثياب محترمة ، ولصوص فارون من أيدي العدالة البشرية ، أما العدالة الإلهية التي أراهن أن إيمانهم ضعيف بها إلى حد يحير الألباب ، ويدهش العقول فليس لهم منها مهرب ....
إن مثل هذا اللص المحترم يسرق من أموال وظيفته سرقات محترمة جدا ، وبطرق لا يطالها ذلكم اللص المسكين الذي ربما احتاج إلى بعض الدنانير ، فسطا على أحد البيوت معرضا نفسه للخطر ، أو داهم بعض الأحياء ، فلاحقه فلان ببندقيته ، وأبو فلان بعصاه الغليظة ...
ذلكم اللص المحترم حين تبلغ ببعض الناس الفاقة والفقر مبلغا لا يمكن وصفه ، يستلذ رفع طلباتهم المتوسلة إليه ، وهو جالس على كرسيه ( المحترم ) ينفخه هواء مكيف الترف والدلال ....

لست أدري ...
هل قرع سمع لصنا المحترم قول المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم - : " لعن الله المسلط على أمتى بالجبروت والمستأثر بفيئها " ، أو أن سماع اللعنات النبوية أيسر من شرب الماء الزلال عند أمثاله ؟؟!!
وهل علم صاحبنا أن هواء مكيفات الترف التي تعمل بغاز حرمان الأبرياء والمظلومين إنما تنفخ هواء ساخنا جدا ، وربما نفثت حميما يوما ما ؟؟!!!
وهل وصل إلى علم المحترم أن تلك الأموال الطائلة التي يختلسها من جيوب الفقراء بطرقه الملتوية ، وبتحايله على القوانين ، وبصفقاته الوهمية ، ومناقصاته المحترمة ، وتواطئه مع الشركات المساندة ، إنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا ؟؟!!!
كما أنني أظن أن محترمنا الكبير لم يدرك بعد أن التسلق إلى ( المجد ) عن طريق أكتاف الآخرين المظلومين إنما هي لعبة صبيانية لا تنطلي على جبار السموات والأرض !!!
وأعتقد – والله أعلم – أن ذلكم المحترم لا يعلم أن دعوات المظلومين التي تدفق كالسيل الجارف لا يردها مولاهم ، فبين الفينة والأخرى تصيب إحداها ، حتى يعيش في مشاكل وهموم لا تنتهي ، ويكابد أحزانا وأتراحا لا تنقطع ، فتتقلص أيام فرحته حتى لا تكاد تبلغ ساعة من نهار ، وتتماطى أوقات ترحته حتى يخيل إليه أنه ولد والهم توأمان ، وذلك جزاء الظالمين .....

اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئا فأضمر غشا للإسلام ، ونكاية للمسلمين ، واستأثر بفيئهم ، وبذر أموالهم ،  فأشغله بنفسه ، واجعل تدبيره تدميره ، وأرسل عليه من الأسقام والأمراض والمشاكل والعلات ما يطلب معها الموت فلا يجد له سبيلا ........

محمد بن سعيد بن مطر المسقري
Mq99@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق